وأما معجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم- فمنها أنه لما جاء حزب بني فرعون الموكلون بذبح ذكور بني إسرائيل إلى أمه، قالت أخته: يا أماه الحرس بالباب فلفته أمه في خرقة، ووضعته في التنور وهو مسجور، ولم تعقل ما تصنع فجاء الحرس فوجدوا التنور مسجورا، فلم يتغير لون أمه ولا ظهر لها لبن، فخرجوا من عندها، فرجع لها عقلها، وقالت لأخته: أين الصبي؟ قالت: لا أدري فسمعت بكاءه من التنور فانطلقت إليه وقد جعل اللَّه النار المحرقة عليه بردًا وسلامًا إلى غير ذلك من الكرامات الباهرة والمعجزات الظاهرة والمعدودة في معجزاته الباهرة المعدودة، في معجزات الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم، وسمي موسى لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- وجد بعد ما ألقته أمه في اليم في ماء وشجر في دار فرعون فقيل لآسية امرأة فرعون: سميه، فقالت: سميته موسى لأن مويا بالقبطة اسم للماء وسى اسم للبحر.
روى صاحب كتاب الإنس بسنده إلى قتادة عن حسن قال: مات موسى فلم يدر أحد من بني إسرائيل أين قبره ولا أين توجه فماج الناس في أمره ولبثوا لذلك
ثلاثة أيام لا ينامون الليل فلما كان ثالثة غشيتهم سحابة على قدر محلة بني إسرائيل، وسمعوا منها مناديًا يقول بأعلى صوته مات موسى، وأي نفس لا تموت مكررًا القول حتى فهمه الناس كلهم، وعلموا أنه قد مات، ولم يعرف أحد من الخلائق أين قبره.
وبسنده إلى محمد بن إسحاق يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ما طلع أحد على قبر موسى إلا الرحمة فنزع اللَّه عقلا كي لا تدل عليه أحدا، قال القرطبي في كلامه على قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: 69] , أي بقولهم قتل موسى أخاه هارون فتكلمت الملائكة بموته، ولم نعرف قبره إلا الرحمة ولذلك جعله اللَّه أبكم أصم، وكذلك رواه الحاكم في مستدركه في كتاب تاريخ الأنبياء، روى بسنده إلى قتادة قال الحسن: مات موسى وهو