سمعت أبا بكر الإسكافي يقول: صح عندي أن قبر إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- في الموضع الذي هو الآن فيه، لما رأيت وعانيت وذلك أني وقفت على السدنة وعلى الموضع وقوفًا كثيرة بنحو أربعة آلاف دينار، رجاء ثواب اللَّه تعالى، وطلبت أن أعلم صحة ذلك، حتى ملكت قلوبهم بما كنت أعمل معهم من الجميل والكرامة والملاطفة والإحسان إليهم، وأطلب بذلك أن أصل إلى ما صح وجال في صدري، فقلت لهم يومًا من الأيام وقد جمعتهم عندي بأجمعهم: أسألكم أن توصلوني إلى باب المغارة كي أنزل إلى الأنبياء صلوات اللَّه عليهم وأشاهدهم فقالوا إن أجبناك إلى ذلك لأن لك علينا حقًا واجبًا ولكن ما يمكن في هذا الوقت لأن الطارق لنا كثير فاصبر حتى يدخل الشتاء فلما دخل كانون الثاني خرجت إليهم فقالوا: أقم عندنا حتى يقع الثلج؟ فأقمت عندهم حتى وقع الثلج وانقطع الطارق عنهم فجاءوا إلى موضع ما بين قبر إبراهيم الخليل، وقبر إسحاق عليهم السلام، فعلقوا البلاطة التي هناك، ونزل رجل منهم يقال له صعلوك، وكان رجلًا صالحًا فيه خير ودين ونزلت معه، ومشى وأنا من ورائه فنزلنا في اثنتين وسبعين درجة فإذا عن يميني دكان عظيم من حجر أسود، وإذا عليه شيخ خفيف العارضين طويل اللحية ملقى على ظهره وعليه ثوب أخصر، فقال لي صعلوك، هذا إسحاق عليه السلام، ثم سرنا غير بعيد فإذا دكان أكبر من الأول وعليه شيخ ملقى على ظهره، له شيبة قد أخذت ما بين منكبيه أبيض الرأس واللحية والحاجبين وأشفار العينين، وتحت شيبته ثوب أخصر، قد جلل بدنه والرياح تلعب بشيبته يمينًا وشمالًا، فقال صعلوك: هذا إبراهيم الخليل عليه السلام فسقطت على وجهي ودعوت اللَّه تعالى بما حضرني من الدعاء، ثم سرنا فإذا دكان لطيفة عليها شيخ آدم شديد الأدمة، كث اللحية، وتحت منكبيه ثوب أخضر قد جلله فقال لي صعلوك، هذا يعقوب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم إننا عدلنا يسارًا لننظر إلى الحرم، فخلف