أخوة الإسلام".
واختلف العلماء أرباب القلوب هل الخلة والمحبة شيئان أو أحدهما أرفع من الآخر، فقيل سيان، فالحبيب خليل، والخليل حبيب، ولكن خص إبراهيم بالخلة، ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمحبة وقيل: الخلة أرفع للحديث المذكور لو كنت متخذا خليلًا غير ربي؛ فلم يتخذ أبا بكر خليلا -وأطلق على نفسه الشريفة أن المحبة أرفع لأن درجة نبينا
الحبيب -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصل المحبة الميل الى ما يوافق المحبوب وهذا فيمن يأتي منه الميل وهي درجة المخلوقين، أما الخالق جل جلاله فمنزه عن ذلك فمحبته لعبده تمكينه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتهيئة أسباب القرب وإفاضة رحمته عليه وقصواها كشف الحجب عن قلبه حتى يراه بعين قلبه وينظر إليه ببصيرته كما في الحديث: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به".
ولا ينبغي أن يفهم من ذلك سوى التجرد للَّه تعالى والانقطاع إليه والإعراض عمن سواه وصفاء القلب للَّه وإخلاص الحركات له سبحانه وتعالى وعلى ذكر حنانه وتسروله وشفقته ورأفته بهذه الأمة وأخلاقه الكريمة وسنته المرضية التي لم تكن لأحد قبله وأنها صارت شرائع وآدابًا لمن بعده.
أقول: وروى الحافظ ابن عساكر بسنده إلى أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اختتن إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن عشرين ومائة سنة عاش بعد ذلك ثمانين سنة" وفي الصحيحين عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "اختتن إبراهيم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم" وهو بالتخفيف والتشديد قال النووي رحمه اللَّه تعالى، وروى الحافظ ابن عساكر في تاريخه بسنده، أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ربط إبراهيم عليه السلام عزلته وجمعها إليه ومد قدومه وضرب قدومه بعود كان معه فندرت بين يديه بلا ألم ولا دم وختن إسماعيل عليه السلام وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وختن إسحاق وهو ابن سبعة أيام"، وعن عكرمة قال: اختتن إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ابن