خليلًا على أنك عبد من عبادي وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أيها الناس

إن اللَّه تعالى اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلا"، قال القاضي عياض رحمه اللَّه: اختلف في تفسير الخلة واشتقاقها فقيل: الخليل المنقطع إلى اللَّه تعالى الذي ليس له في انقطاعه إليه ومحبته له اختلال وأصل الخلة الاستقصاء، وسمي إبراهيم خليل اللَّه لأنه يوالي في اللَّه تعالى ويعادي في اللَّه تعالى، وخلة اللَّه تعالى نصره وجعله إمامًا لمن بعده والخليل أصله الفقير المحتاج المنقطع مأخوذ من الخلة وهي الحاجة فسمي بها لأنه قصر حاجته على ربه وانقطع إليه بهمته ولم يجعل له وليا غيره حيث قال له جبريل -عليه السلام- وهو في المنجنيق ليرمى به في النار: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا.

قال الأستاذ أبو بكر بن فورك: الخلة صفاء المودة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار، وقيل: أصل الخلة المحبة ومعناها الإشفاق، والإلطاف، والترفيع، والتشفيع، والخلة هنا أقوى من النبوة لأنها قد تكون مع عداوة قال اللَّه تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: 14] , فالعداوة مع الخلة ووصف إبراهيم ومحمد صلى اللَّه عليهما وسلم بالخلة إما لانقطاعهما إلى اللَّه تعالى دون غيره وقصر حوائجهما على اللَّه تعالى والاضطراب على الوسائط والأسباب أو لزيادة الاختصاص من اللَّه تعالى لهما وخفي الطاقة عندهما وما خالط بواطنهما من الأسرار الإلهية ومكنون غيوبه ومعرفته ولاصطفائه لهما واستصفاء قلوبهما وتفريغهما عمن سواه حتى لا يخايل حب لغيره ولهذا قيل: الخليل من لا يسع قلبه غير خليله وهو عندهم معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو كنت متخذا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015