اللَّه سبحانه وتعالى منهم ما تكلموا به فأمر ملكين من أجلاء الملائكة قيل: إنهما جبريل وميكائيل عليهما السلام أن ينزلا عليه ويستضيفانه ويذكرانه بربه ويرفعان صوتهما عنده بالتسبيح والتقديس للَّه تعالى، فنزلا عليه على صورة بنى آدم سألاه الإذن لهما في المبيت عنده فأذن لهما وأكرم نزلهما ورفع محلهما، فلما كان بعض الليل وهو يسامرهما إذ رفع أحدهما صوته وقال: سبحان الملك القدوس ذي الملك والملكوت ثم رفع الأخر رأسه وقال: سبحان الملك القدوس بصوت لم يسمع مثله قال: فأغمي على إبراهيم عليه السلام ولم يملك نفسه من الوجد والطرب ثم أفاق بعد ساعة وقال لهما: أعيدوا علي ذكركما فقالا: لن نفعل حتى تجعل لنا شيئا معلومًا فقال لهما: خذا ما تختارا من مالي فقالا له: أعطنا ما شئت فقال: لكما جميع مالي من الغنم وكان شيئًا كثيرًا فرضيا بذلك ثم رفعا صوتهما وقالا كالأول فأغمي عليه، فلما أفاق وعلم أنهما لا يقولان شيئًا إلا بمعلوم قال لهما: لكما جميع مالي من البقر وأعاد ولم يزالا يكررا عليه الذكر ويتجلى به ويستغرق في لذته حتى أعطاهما جميع موجوده من ماله وأهله، ولم يبق إلا نفسه فباعهما ورضي لهما أن يكون في رفقتهما، وجعل في عنقه شدادًا وسلمهما نفسه وقال لهما: تجودا علي بالذكر مرة أخرى فلما رأيا منه ذلك قالا: حقًا لك أن يتخذك اللَّه خليلًا، ثم حكيا له ما كان من الملائكة فتبسم، وقال حسبي اللَّه ونعم الوكيل، ثم قالا له: أمسك عليك مالك بارك اللَّه لك وعليك وعلى ذريتك. قال: فمَنَّ اللَّه عليه تعالى بإبقاء ذريته وسماطه وزاده بركة وخيرًا وجعل سماطه ممدودًا من يومه ذلك إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة إن شاء اللَّه تعالى.
وروى بعض الشيوخ المنسوبين إلى العلم والفضل، أن فرقة عطمة من أشراف الناس نزلت على إبراهيم عليه السلام فأضافهم أحسن الضيافة وأكرمهم أحسن الكرامة، وبالغ في إكرامهم مدة مقامهم عنده فلما عزموا على الانصراف قال بعضهم