وفضل الأنبياء على جميع خلقه، ثم زاد بعض الأنبياء تشريفًا بالرسالة فتميزوا بها على الأنبياء ثم خص بالأفضلية من المرسلين أولي العزم وجعلهم أهل الشرائع والكتب وجعلهم بهذه المزية أخص الخواص ورقاهم بسابق عنايته الربانية إلى مراتب عليت المراتب الأولى، التكريم العام، والمرتبة الثانية النبوة، وناهيك بها شرفًا، والمرتبة الثالثة، الرسالة: والمرتبة الرابعة أن جعلهم من أولى العزم وأصحاب هذه المرتبة من المرسلين نالوا الكمال من ربهم بسابق علمه فيهم ولقبول عملهم لذلك فحمله أهل الشرائع أولو العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى للَّه عليهم أجمعين ثم أودع سبحانه في كل واحد من هؤلاء خصائص أكرمه بها فمنهم من أكرمه بالخلة ومنهم من أكرمه بالكلام إلى غير ذلك من الكرامات الباهرة والخصائص الظاهرة، وجمع في حبيبه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حقائق الجميع وسرائر أهل التبليغ والتشريع، فهو الفرد الجامع البديع الرفيع ثم شرف بعده السيد الجليل أبا الأنبياء إبراهيم وجعله السيد الكامل والأب الفاضل ونبه سبحانه وتعالى في كتابه المبين على فضله وشرفه في آيات متعددة ناطقة بتعطم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتوقيره بكل ما جاء به من
نوع الإجلال والتعظيم "فهو نابع في حق الأنبياء" فهو من مزايا وخصوصية سيدنا الخليل إبراهيم على نبينا وعليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة وأزكى التسليم وهو من أجلهم رتبة وأعظمهم منزلة وقربة، وعلى ذكر فضلهم صلى اللَّه عليهم وسلم قولٌ نصه اللَّه سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في حق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واجتبائهم واصطفائهم وعظيم قدرهم وشرف محلهم ما يجل عن الوصف فربما جمع فضلهم وشرفهم وربما ذكر كل واحد منهم بخصوصية كما شرف السيد الخليل عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، إلى غير ذلك مما أنزل في حقه من الآيات المخصوصة به مما يزيد على ثلاثين آية فعلى هذا التقدير يجب تعظيم الجميع وتوقيرهم سيما والدهم وإمامهم -صلى اللَّه عليه وسلم- فيتأكد تعظيمه لأن تعظيمه