من العمران إلى الخراب. فقال له: وكيف القدوم غدا على اللَّه تعالى؟ فقال: أما المحسن، فكغائب يقدم على أهله، أما المسيء فكالعبد الآبق يقدم على مولاه. فبكى سليمان، وقال: ليت شعري ما لنا عند اللَّه تعالى، قال: اعرض عملك على كتاب اللَّه
تعالى، فقال: في أي مكان أجده؟ قال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13، 14] قال سليمان: فأين رحمة اللَّه؟ قال: قريب من المحسنين؟ قال: فأي عباد اللَّه أكرم؟ فقال: أولوا المروءة والنهى، قال: فأي الدعاء أسمع؟ قال: دعاء المحسن إليه للمحسن، قال: فأي الصدقة أفضل قال: للسائل البائس وجهد المقل ليس فيها مَنٌّ ولا أذى؟ قال: فاي القول أعدل؟ قال: قول الحق عند من يخافه ويرجوه، قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: رجل عمل بطاعة اللَّه ودل الناس عليها، قال: فأي الناس أحمق؟ قال: رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره، قال: فما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أو يعفيني أمير المؤمنين؟ قال: لا، وإنها لنصيحة تلقيها إلىّ. قال: إن آباؤك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة على غير مشورة من المسلمين ولا رضاهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة، وقد ارتحلوا عنها فلو شعرت ما قالوا وما قيل لهم، فقال له: رجل من جلسائه: بئس ما قلت يا أبا حازم، فقال له أبو حازم: كذبت، إن اللَّه تعالى أخذ ميثاق العلماء الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه. فقال له سليمان: فكيف لنا أن نصلح؟ قال: تدعون الصف وتمسكون بالمروءة وتقتسمون بالسوية. قال له سليمان: فكيف لنا أن نصلح المأخذ من هذا المال؟ قال: تأخذه من حله وتضعه في أهله. قال: هل لك يا أبا حازم أن تصحبنا فتصيب منا ونصيب منك؟ قال: أعوذ باللَّه. قال: ولم؟ قال: أخشى أن أركن إليكم شيئًا قليلًا فيذيقني ضعف الحياة وضعف الممات قال: ارفع إلينا حوائجك، قال: تنجينى من النار وتدخلنى الجنة. قال: ليس ذلك إليّ قال: ما لي حاجة غيرها، قال: فادع لي. قال: اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخير الدنيا والآخرة وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى من القول والعمل فقال: يا أبا حازم عظنى؟ قال: