تعالى يقول: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148] قال مجاهد وغيره لكل أهل ملة أو لكل قوم ولا شك أن آدم أول داخل في هذا العموم إذا كانت له قبلة مخصوصة فالظاهر أنها الكعبة فإنه لم يكن إذ ذاك موضع معظم مقصود بالزيارة، منسوب إلى اللَّه تعالى نسبة ظاهرة سواها وقد قدمنا أنه كان يحج إليها ويطوف بها ولا يبعد أنه كان يصلي إليها وقال: وأما الأنبياء الذين كانوا من بعده إلى زمان إبراهيم الخليل عليه السلام فإنه لم يبلغنا عنهم في الاستقبال إلا ما قدمنا عن أبي العالية، ومعلوم أنهم كانوا يعظمون البيت ويحجونه ويطوفون به ويصلون عنده ويدعون، وقد جاءت الروايات بذلك صريحة عن نوح وهود وصالح وشعيب وقصة عاد وفي إرسالهم من يستسقي لهم بالحرم مشهورة وقد روي ما من نبي هلك قومه إلا وذهب بعدهم إلى مكة فأقام بها يعبد اللَّه حتى دموت وقبورهم حول البيت فبمقتضى هذا لا يبعد أنهم كانوا يصلون إليه وقد ذكر أبو العالية أنه رأى مسجد صالح وهو منحوت وقبلته إلى البيت الحرام وكذا قبلة دانيال، وإن قلت أنى يكون هذا وقد خرب الطوفان ما في البيت وأزال رسومه قلت: قد قال مجاهد: خفي موضع الكعبة ودرس من الغرق وبقي مكانه أكمة حمراء لا تعلوها السيول غير أن الناس كانوا يعلمون أن موضع البيت فيما هناك فكان يأتيه المظلوم والمعبود من أقطار الأرض ويدعو عنده المكروب فيستجاب له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015