نحو ثلاثمائة من أصحابه، وسلك غير طريق فاس المشهورة، ووقع في القصبة نهب عظيم وأعادوا الغارة على مكناسة بمثل ذلك نهبا وسبيا وهتكا للحرمات، وارتكاب سائر المحرمات، وكان ذلك ثاني اليوم المذكور (?).
ولما وصل مولاي عبد المالك أبواب فاس اضطرب رأي أهلها، فمنهم من رأي أن الأولى صده عن الدخول إليها لعجزهم عن مقاومة حرب العبيد الساعين في الأرض الفساد، وخافوا أن يوقعوا بهم ما أوقعوه بمكناس وقصبته، ورأي السواد الأعظم منهم دخوله والمقاتلة دونه، لأنه الخليفة الذي بيعته في أعناقهم وطاعته واجبة عليهم والحال أنه بين أظهرهم فأدخلوه واستوطن دار القيطون، وما رأى الجمهور من إدخاله هو رأْي جل علمائهم، وانضم إلى أهل فاس كل من لم يخرج عن المولي عبد الملك من القبائل على ما سيبين في محله بحول الله (?).
وقيل: إن مولاي أحمد المترجم وصل مكناسة في أواخر ذي الحجة من العام المذكور، وأن مولاي عبد المالك لما فر ترك رماة أهل فاس بقصبة مكناسة وكانوا نحو الألفين، وأن مولاي أحمد لما حل بمكناس قبض على الرماة المذكورين وقيدهم وأودعهم بالسراديب رجاء أن يرجع أهل فاس إلى طاعته، ولما اتصل الخبر بأهل فاس خرجوا خيلا ورجالا إلى زواغة ونهبوا للوداية جميع ما وجدوه من الماشية، وجاءوا بذلك لفاس، فبيع الكبش بثلاث موزونات والبقر بثمانى عشرة موزونة فاستغاث الوداية بإخوانهم الحالين بمكناس والعبيد.
وفي أول يوم من المحرم جاء المولي أحمد لقتال فاس بجنود لا حصر لها وهم لا يشكون في دخول فاس والإيقاع بأهلها أفظع مما فعلوه بمكناس، ثم بدا لمولاي أحمد أن يوجه القائد صالح الليريني قائد الرماة المسجونين بكتاب لأهل