ثم لما بدا للعبيد من المولي عبد المالك ما لم يوافق هواهم من التبذير وتفريق الأموال في غير مستحقها بل حتى في مستحقها وقيامه بأمور المملكة بنفسه واستروحوا رائحة عزمه على الإيقاع بهم ضاق بهم المتسع وشمروا على ساق في خلعه، ورد المولي أحمد لبسط كفه وإلقائه زمام الملك بأيديهم يتصرفون في الرعايا والجبايات وبيوت الأموال كيف شاء هواهم.
ولما أحَسَّ بذلك المولي عبد المالك أخذ في الاحتياط لنفسه وتربص الدوائر بهم، ولكن بادت حيله ولم تغن عنه احتياطاته شيئا كما سيقص عليك في ترجمته بعد بحول الله.
وفي صبيحة عيد الأضحى من العام أعلن العبيد بخلع ربقة بيعته من أعناقهم ومنعوا خطيب مشرع الرملة من التعرض لذكره في خطبته وألزموه ذكر مولاي أحمد المترجم وطيروا الأعلام إليه، ولما اتصل به الخبر أسرع المسير إليهم وفي معيته صاحب الزاوية الحنصالية المذكور وقد انضم إليهم بنو حسن وتحالفوا وتعاقدوا على بيعته والموت تحت رايته وارتحلوا جميعا إلى مكناسة حيث عرش المملكة، فهم المولي عبد المالك بالبروز إليهم ومقاتلتهم، فجهر الوداية بالخروج عليه وبيعة أخيه وشرعوا فورا في قتال جيشه، ولحق بهم العبيد إلى مكناسة يوم الاثنين رابع عشري ذي الحجة عام أربعين (?).
ثم نادي بعض رؤساء العبيد على بعض من بباب قصبة السلطان الموالي للقبة الخضراء بنصر أخيه مولاي عبد الله وكانت خناثة بنت (?) بكار المغفري -زوجة مولانا إسماعيل- هي الساكنة بتلك الدار الموالية لذلك الباب، فلما سمعت النداء بنصر ولدها فتحت الباب من ناحيتها فبينما الناس يقاتلون بنواحي مكناسة إذ سمعوا بدخول العبيد للقصبة فسقط في أيديهم، وخرج السلطان ناجيا بنفسه في