عبد المالك، استفتى العلماء في أمور شنيعة شنعوها على أخيه مولاى أحمد توجب القتل لمن ارتكبها وفعلها، وكثر بها الكلام على الألسنة منها طلب أهل فاس أن ينصفهم من أخيه مولاي أحمد المذكور بكونهم لم يخرجوا عنه ولا قدرة لهم على ذلك ولا على حرب من يريد ذلك ولا على موافقته بقول ولا فعل، فنهبت أموالهم وحطبت أشجارهم وهدمت دورهم بالبمب، وماتت نساؤهم وأولادهم وآباؤهم وأهلوهم بالهدم، مع أن من ينسب له الخروج عليه لم يتحقق منه ذلك ولم يثبت عليه وإنما يدفع عن نفسه الوداية وغيرهم من الجيش الذين كانوا ينهبون أموالهم ويريدون الوثوب على نسائهم كما فعلوا بالبوادي والحواضر فنسبوا الخروج إليهم ليحصلوا ما أرادوا فيهم، ووشوا بأهل فاس إلى مولاي أحمد ونسبوا لهم الخروج عليه فقبل منهم ذلك من غير ثبوت لهم على أهل فاس، فأَطلق يدهم عليهم فخاض العلماء في ذلك ولم تتفق أقوالهم ولا آراؤهم في شيء فلم يجيبوا عن شيء واتفقوا على أن التفويض في ذلك للسلطان يجتهد ويحكم باجتهاده، فاستشار في ذلك كاتبه أبا عبد الله محمد بن أحمد الفاسي فأجابه بأنه لم يتم موجب قتله بما طلبه به بعض الضعفاء من أهل فاس من المؤمنين فرجع عما استفتي فيه العلماء من قتله. انتهى.

ثم أرسل مولاي عبد المالك أخاه الولي أحمد المترجم مسجونا لسجن فاس الجديد، فأُتي به إليه مقيدا بالحديد تاسع الشهر قيل إنه رق له بعد ذلك وسرحه وبقي مسرحا نحو ثمانية أيام، ثم بداله سجنه وإجلاؤه إلى الصحراء ظانا أنه يستريح منه، وقبض عليه ووجهه في الثامن والعشرين من الشهر المذكور، وأمر ولده بسمل عين عمه المترجم بمجرد وصوله إليه، فكان من لطف الله به أن بلغه ما أضمر له أخوه القائم عليه فهرب لزاوية أبي عثمان سعيد أحنصال بقبيلة آيت عطة، وكان قيم الزاوية إذ ذاك ولده أبو يعقوب يوسف بن سعيد -وكان من المحدثين- فأخبره برجوعه لملكه وعود الأمور إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015