ومن الغد جاء كتاب من عند السلطان يسأل عن الظالم من الفريقين وقرئي بمنبر مولانا إدريس، ثم لما سمع الحياينة وشراكة وأولاد جامع بهذا الأمر جاءوا إعانة لأهل فاس ظنا منهم أن ما فعله الأوداية ليس بإذن السلطان، فلما تحققوا أن ذلك بإذنه انصرفوا لمواضعهم وبقي الأمر يروج إلى يوم الأربعاء الموفي عشرين خرج الأشراف والعلماء بقصد الملاقاة مع السلطان.
وفي يوم الخميس بعده وقع قتال بباب الفتوح وحضر فيه الحياينة ومن انضاف إليهم وبقي من خيل الأوداية نحو من ستة وثلاثين، ووقع قتال بالوادي المالح بباب الجيسة يوم السبت الثالث والعشرين من الشهر ومات فيه من أهل فاس نحو الستة.
وفي الرابع والعشرين جاء شريف ممن ذهب لملاقاة السلطان وأخبر أنهم لم يتلاقوا مع السلطان وأن على ويش أمر بهم فسجنوا إلا هذا الشريف بخصوصه، وجاء كتاب من أخت الأمير تهددهم فيه وتذكر أُمورًا تقتضي أنهم ظالمون، ثم أجاب أهل فاس عن الكتاب المذكور وبقي الأمر يروج إلى يوم الثامن والعشرين قدم جماعة من عبيد مشرع الرملة يبحثون عن حقيقة الأمر لأن الوداية كتبوا لهم أن أهل فاس شقوا العصا على السلطان، فأضافهم أهل فاس أحسن ضيافة وأخبروهم بحقيقة الأمر، وانصرفوا يوم السبت الموفي ثلاثين، وفي عشية هذا اليوم وقع قتال مع محلة جاءت من عند السلطان قرب بستيون باب الفتوح ولم يمت فيه أحد من أهل فاس.
ثم صار السلطان يبعث البعوث ويكثر الجيوش لحصار فاس وأمرهم بالتضييق على أهلها وقطع عنهم الداخل والخارج وركب الأنفاض والمهاريز ليرمي بها البمب.
وفي ثاني ربيع الثاني رمي البمب على فاس سبع مرات ولم تضر أحدا،