النهب والسلب واشتد الضيق بمكناسة والسلطان بها، حتى صار خارجها مسلوبا، وداخلها منهوبا، تغير البرابر على سرحها وتمنع أهلها من العمل بجنتها.
ولما تيقن العبيد أن السيل بلغ الزبى، أجمعوا رأيهم على أنه لابد من شد الوطأة على متمردة البرابر وكسر شوكتهم قائلين إنهم آذونا وآذوا جوارنا واستضعفونا، ونحن ما مات سيدنا حتى تركنا أصحاب قوة وبأس شديد، يذيب رعبنا الحديد، فركب منهم ما يزيد على الخميس ألفا وأغاروا على سرح البرابر في سائر الجهات والنواحي ورجعوا لمكناسة من غير أن يتعرض لهم بربري ثم اجتمع رءُوس البربر ووجوه العبيد واتفق رأيهم على أن البرابر لا يتعرض لهم أحد داخل المدينة ولا خارجها، وأن البرابر لا يتعرضون لمن أتي لمكناسة ولا لمن خرج منها. انتهى، ما يعول عليه مما ساقه أيضا في "الدر المنتخب" وهذا بعض ما جري عام تسعة وثلاثين الذي جلس فيه المترجم على عرش مملكة والده المقدس.
أما عام أربعين فقد قال العلامة المؤرخ ابن إبراهيم الدكالي في "تقاليد التاريخية"ما نصه: وفي ضحي يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول عام أربعين أغار الوداية على سوق الخميس، واشتغلوا بالسلب والنهب وضربوا الناس بالرصاص، فانتدب أهل فاس لقتالهم من الزوال إلى الغروب من جهة المرس، فقبض الأوداية على بعض أهل فاس وسجنوهم بفاس الجديد، وفي آخر النهار أخذ أهل فاس قصبة شراكة واستولوا عليها.
ثم بالغد وقع قتال أيضا بظهر الرمكة، ثم يوم السبت وقع قتال بينهم بناحية بستيون باب الجيسة وكانت الغلبة لأهل فاس.
ثم وقع الصلح بينهم يوم الأحد وذلك بروضة سيدي أبي بكر بن العربي نفع الله به وسرحوا المسجونين بعد أن قتلوا منهم طائفة، ثم أخذ الأوداية في قطع الطريق.