أحد مسندًا الأمر لغير أهله، وإذا أخبر بحادث جلل، يقول: كل ما قدر الرحمن مفعول.
ولما رجع رسل تطوان الى بلدهم وأخبروهم بحقيقة الحال وأنه لا سلطان في الحقيقة، وإنما هي فوضي منتظمة من شهاوي وأغراض قاموا في تحصين بلادهم على ساق واشتد القتال بين الريفي والقبائل التي أبت من متابعته على هواه وكان النصر حليفهم والخذلان قرين الريفي إلى أن قتل وأراح الله منه البلاد والعباد.
وفي اختصار "رحلة تومي" الإنجليزي صحائف 12، 13، 14، 15، 16، ما فيه بعض مخالفة لما ذكره صاحب "الدر المنتخب" في الجملة وذلك أنه حكي أن الباشا أحمد هو الذي كان عاملا على تطوان، وأن أهل تطوان ومجاوريها من الجبال هم الذين قاموا على العامل المذكور مع رئيس الفتنة إذْ ذَاك بليز، فقاموا على الريفيين ونهبوا أموالهم وقتلوا منهم من لم يدخل معهم في افتياتهم، فطلب الباشا أحمد الريفي الإعانة على أهل الجبال ومن أقاموا الفتنة من أهل تطوان فامتنعوا، فعند ذلك وجه إليهم عسكر سبتة فامتنعوا من تلبيته وأن أخاه والي.
طنجة لما علم بما ذكر لحق بأخيه أحمد المذكور في خمسمائة فارس، ولما وصل تطاوين ولاه أخوه أحمد مكانه بتطاوين وترك معه أدالة من العبيد وخرج هو في أثر الثائرين، ثم إن أهل تطاوين لم يقبلوا أخا الباشا عاملا عليهم فحصروه في داره وعند ذلك أمر الأخ الذي بتطاوين بإيقاد النار في دار البارود فانهدت وانهد ما حولها من الدور، ثم هرب العامل مع لفيف من أصحابه إلى بعض الأضرحة، ثم إلى طنجة، وأن أهل تطاوين أكلوا داره ونهبوا أجنته وأمتعته، ووجهوا بيعتهم للذهبي وأخبروه بأن سبب قيامهم على العامل هو ظلمه لهم فليحرر.
ولما علمت القبائل حقيقة ما صار إليه الأمر بعد السلطان الأعظم مولانا إسماعيل نبذوا الأوامر السلطانية وراءهم ظهريا وامتطوا متن الاستبداد، وماجوا في الأرض بالفساد، وأكل القوي الضعيف واشتدت شوكة البرير وعظمت ولم يبق إلا