ثم نظروا فيمن بقي شجي في نحورهم يحول بينهم وبين تمام مرادهم فلم يجدوا غير الحاجب المملوك الخصي مرجان الصغير فقتلوه، ثم قتلوا عامل مكناسة ابن عدو، ثم أشاروا بقتل من بقي ممن يشار إليه بجودة الرأي وحسن التدبير، والنصح للأمير، حتى خلا لهم الجو واتسع الخرق على المرتق.
فبموت أحمد بن على اليازغي ثار أهل الجبال وأضرمت نيران العتو والفساد ورفضت الأوامر السلطانية وانقطعت الجبايات وانتشر العيث والنهب في الطرق واتبعت الأهواء.
وبموت على بن يشو خرج البرابر من السلاسل والأغلال وتنافسوا في اشتراء الخيل والسلاح، ورجعوا لحالتهم الأولى من سفك الدماء وقطع الطرقات، ولم يبق لهم زاجر ولا رادع.
وبموت ابن الأشقر كف الزراهنة عن الأداءات وتحصنوا بجبلهم خوفا من البربر وصمموا على قتال من أتاهم وضاعت أعشار القبائل وزكواتهم ولم يعرف منها نقير ولا قطمير.
وبقتل مرجان الكبير جهل الخارج ولم يدر قدر الداخل وأخرقت الدفاتر الحافظة لذلك، وبسبب ذلك نال العبيد مناهم وحصلوا على ضالتهم المنشودة.
ولما اختل النظام وتفاحشت المظالم وأكل القوي الضعيف واضطربت الأحوال، واشتبكت الأهوال، وثارت الثوار بسائر النواحي خرج المترجم من دار الملك وأفاض المال وزاد للعبيد فوق المعتاد ظنا منه أن ذلك يجدي في رتق ذلك الفتق العظيم، ثم رجع لقصوره أي حيث رأي أنه لا سبيل له لأكثر مما فعل.
قال في "نشر المثاني" ووقعت هدنة بين الناس عن الحرب، إلا أن أهل فاس رفضوا جميع ما كان يجري عليهم من الوظائف السلطانية وحملوا الأسلحة وركبوا الخيل، وضج الناس بالفرح والسرور، واشتغلوا بالملاهي في النزهات والتأنق في اللباس والجلوس في الطرقات أفواجا مقبلين على اللهو واللعب والسريان (?) في