وابن الأشقر: وكان عاملا على جبل زَرْهُون، وعلى يده أعشار البوادي والحواضر من زروع ومواشي وزيوت وغير ذلك، وكان عليه مدار الجيوش، وإليه مرجع أمرها ذا رأْي مصيب وثبات ونصح وإخلاص وتيقظ وحزم وعزم.
وحاجبه المملوك الخصي مرجان الكبير وكان بيده دفتر الداخل والخارج لا يطلع على ذلك غيره قريب أو بعيد، وكان العارف بالعوائد الجارية في الصلات مسانهة ومشاهرة، وما يدفع للجيوش وغيرهم في الأعياد والمواسم وغيرها لا يعرف ضبط ذلك وتحقيقه غيره، وقد كان محور شئون الدولة على هؤلاء الأربعة يدور لتحقق متبوعهم صدقهم وأمانتهم وسياستهم وكياستهم وعلمهم من أين تؤكل الكتف بعد السبر والامتحان والاختبار.
وبموت هؤلاء الأربعة اختل النظام وضربت الفوضي والاستبداد الأطناب، ووقع من العامة استخفاف عظيم بأمر المملكة واشتد النهب في الطرقات وأغلقت المسالك، ولم يأمن المسافر من الوقوع في المهالك.
وحصل أهل الزيغ على غاية مناهم وكثرت الشكوي بباب السلطان والسلطان داخل قصوره ضارب صفحا عما وراء بابه لا يسمع شكوي ولا ينتصر لمظلوم من ظالم، أي لكونه أسند الأمر لرؤساء العبيدِ المتعصبين، وذوي السلطة ومن لا ينفذ له أمر دونهم.
ومن جملة من قتلوه وصلبوه الفقيه العلامة القاضي الوزير السيد محمد بن العياشي الذي كان بيده دواوين الحراطين (?).