وفراق الأحباب من أعظم مصائب الدهر، فعظم بفقدهما المصاب، وتجرع سائر ذويهما من ذلك الحادث العلقم والصاب، إلَّا أن المصيبة كانت بسيدى على أشد، فإنَّه رحمه الله بلغ منه الامتحان الأشد، انقطع لبعض الملوك، وانتهج لخدمته سيباق المسلوك، وذلك بعد أن كان يعد في عمار مساجد الله بتدريس العلم، وممن حلاه سبحانه بزينة القبول فيه ورونق الجمع بين بهجة الحفظ وجودة الفهم، ثم جرى عليه قدر أدى إلى قتله، وأفضى إلى حطه عن مراتب مثله، فتنفست الصعداء. وسوت الوحشة منه بين القرباء والبعداء." ثم ذكر مرثيته الرائية السابقة.
ومن نثره أيضا قوله في إجازته للسيد الطيب بن يوسف ولفظه:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمَّد نببيه وعبده، وعلى آله وأصحابه، وأشياعه وأحزابه، حملة الشريعة من بعده، وبعد فإن أبهى ما اتسم به الإنسان، وتحلى بتعاطيه القلم واللسان، هذا العلم الذي رفع الله به من أوتيه درجات، وجعل مدار الحق عليه فصار إكسير النجاة.
وإن الفقيه النبيه الألمعى الذكى، السيد الطيب بن يوسف ممن كان توخى المثول بين يدي، وأَخذ لهذا العهد من جملة من أخذ على، ثم تاقت نفسه الأبية. وهمته السنية. لطلب الإجازة، لينخرط بذلك في سلك من استجاز شيخه فأجازه، فأسعفته وأنا معترف بالتقصير، عارف بفضل الطَّويل على القصير، ولم يعذرنى بكونى لست في هذا الأمر من هذا القبيل، ولا ممن يجرى سلوك قارعة هذا السبيل، ولما لم تنظر عين رضاه مني هذا الخلل، قلت مكره أخاك لا بطل.
فقد أجزته في جمع مقروآتى ومروياتى ومسموعاتى من الشيوخ، الذين كان لهم تقدم في علوم الشريعة ورسوخ، إجازة تامة، مطلقة عامة، على الشرط المقرر. والقانون المحرر، وقد عاينت منه قابلية حصلت له شروط الطلب وأسبابه وجودة قريحة، ونباهة نبهت على فضله صحيحة صريحة، فسلك سبيل من سعد