البصيرة؛ وفيه مع النساء والرجال، مما يفسد السريرة، ويطمس البصيرة، وفيه مع ذلك على كلنا أو جلنا مطعن غير خفي، ومغمز لا يرضاه مؤمن تقى، وبالجملة ما أرى لي ولك مثلا إلَّا قول شاعر بنى زبيد:
أُريد حياته ويريد قتلى ... عذيرك من خليلك من مراد
وانظر ما أوصى به عبد الملك بنيه، الفائزين بشرف الخلافة دون سائر ذويه:
أنفوا الضغائن بينكم وتواصلوا ... عند الأباعد والحضور المشهد
فصلاح ذات البين طول بقائكم ... ودماركم بتقاطع وتهدد
فلمثل هذا البين أَلْف بينكم ... بتعاطف وتراحم وتود
حتَّى تلين جلودكم وقلوبكم ... لمسود منكم وغير مسود
إن القداح إذا جمعن فرامها ... بالكسر ذو حنق وبطش أيد
عزت فلم تكسر وإن هي بددت ... فالوهن والتكسير للمتبدد
ثم كتابي هذا وإن كان جهم المحيا لا يهمك أمره، فقد حسنت طويته وانطلق بعد بشره، وغير جميل أن يرى مضيع الحقوق، مقابلا بره بعقوق، وربنا سبحانه هو المسئول في جبر هذا الصدع، واستصلاح ما في هذه الأرجام من الفرع، بقوته وحوله، ومنته وطوله. والسلام".
قال: فاستمر على حاله يتكاشح ويتكاشر، ويعبس في وجه الرَّحم الموصولة ولا يتباشر، فلما زال ما بينهما قال:
ثم إن الله تعالى أَلْف بينى وبينه. وأقر بالألفة عينى وعينه، إلى أن صار إلى رحمة الله تعالى والقلوب سليمة من المخائف، وشتان ما بين الآمن من تلك القطيعة والخائف، وكانت وفاته رحمه الله بعد وفاة أخى سيدى على بنحو الشهر.