ومن قديم وجنسكم يجل جانب الإسلام على بعد داره، ويبادر في خدمتنا غاية ابتداره، وغاية مقداره، حتى اجتذب القلوب، وأدرك لدينا غاية المطلوب.
وحاصل ما أشرتم إليه من قضية الذمى ابن كذا أنه أحد يهود ذمتنا، ومن المتوسلين بخدمتنا، وقد توسل إلينا في قدومه عليكم، وتخلية سبيله ليتوجه إليكم، فأجبناه من حيث إنه تردد لبلادكم غير ما مرة، وحصل لكم به طول الألفة والعشرة وحدث عنكم بنيل كامل المبرة.
ولم نتعرض فيما بيده من كتبنا لإبطال حق أو تحقيق باطل، ولا نرضى أن يكون فيما يجب بطريق الحق الملد المماطل، بل هو كغيره، في شأنه كله وأمره يأخذ ما إليه، ويؤدى ما عليه، لأن هذا أمر اجتمعت عليه الملل بأسرها، وعليه مدار كنه أمرها، لا يمترى فيه عاقل، ولا يقبل بخلافه نقل ناقل، والخروج عنه خرق للإجماع، وقيل تمجه الطباع والأسماع.
وأما ما استظهر به الذمى المذكور منا، وزعمه من كونه باشدورا أو قنصوا نائبا عنا، فهو إن صح أمر يتوقف على رضاكم، وحكم لا يتم إلا بقضاكم، فكما أنكم لا تستنيبون لدينا، ولا توجهون قنصوا إلينا، إلا من نرضيه وتتوفر فيه شروط للكمال تقتضيه، فكذلك أنتم لا تتم نيابة أحد من قبلنا لديكم إلا بقبول حاله، واستحسان انتحاله، وإلا، فلا.
بهذا تحصل الألفة بين القلوب، وتدوم المبرة التي هى ملاك الأمر المطلوب، بين الدولتين إن شاء الله تعالى، انتهى، وبه صدر أمرنا الشريف بالحضرة العلية، مكناسة الزيتون الإسماعيلية بتاريخ 28 من ذى الحجة الحرام متم 1242 من الهجرة النبوية القمرية، الموافق من الشمسية المسيحية 7 يليز سنة 1827".