وقد اضطر سلطان المغرب لما ذكر، وشرح للمهادنة وعقد الصلح مع فرنسا وقبول شروطها فيه، إذ يتعين على المكلف بالنظر في مصالح المسلمين الاهتمام بدرء المفاسد أكثر من الاهتمام بجلب المصالح وسد أبواب الخرق الذى يتسع على الراقع، ولا خلاف في جواز الصلح مع العدو وإن كان طالبا إذا دعت الضرورة لذلك إبقاء على المسلمين وبلادهم، وأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
وقد نقل الشيخ بنانى في الفتح الربانى لدى قول خليل المبين لما به الفتوى: وللإمام المهادنة لمصلحة ما نصه ابن عرفة المازرى، لا يهادن الإمام العدو بإعطائه مالا لأنه عكس مصلحة شرع أخذ الجزية منهم إلا لضرورة التخلص منه خوف استيلائه على المسلمين، وقد شاور عليه السلام لما أحاط القبائل بالمدينة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في أن يبذل للمشركين ثلث الثمار، فلو لم يكن ذلك جائزا عند الضرورة ما شاور فيه هـ إلخ. ومقتضى الاستثناء في قول ابن عرفة أن لا محذور في المهادنة مع الضرورة، قاله سيدى عيسى السجستانى في أجوبته هـ.
ومن قواعد مذهبنا المالكى الضرورات تبيح المحظورات، وما شرحناه هو حقيقة الواقع، والحق أبلج، وقد ذهب المغرضون في نشر هذه الأحدوثة التي هى من أعظم المواقف في تاريخ المغربين كل مذهب، وعند الحق الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، تجتمع الخصوم وتنكشف الحقائق ويقتص من الظالم والمظلوم.
هذا وفى عام 1260 كتب له بما نصه من أصله:
"المقام الذى أعلى الله قدره. وشرف في العالمين ذكره، مولانا الإمام. خلاصة آل الرسول عليه الصلاة والسلام، جلى المناقب، وجميل العواقب، أمير المؤمنين. المجاهد في سبيل رب العالمين، محل اليمن والأمان، ومعدن الخير