الله سبحانه فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ... . .} [الأنفال: 66] الآية. ويحرم على المسلم الفرار من كافرين والله مع الصابرين بالعكان والتأييد ولعل هذه الخرجة آخر خرجاته لهذا البر فلا نشك أن الله يجعل تدميره في تدبيره فقد عول قبحه الله وأخزاه على الخروج من ثلاث طرق، من وهران ومن مستغانم ومن قسنطينة في يوم واحد وساعة واحدة على ما بلغنا وذلك بحول الله سبب خذلانه وتمزيقه، وتوهين كيده وتفريقه، فإن عادة الله في هذا العدو الأصفر مهما طغى وتمرد وتعجب في نفسه يوبقه الله سبحانه ببغيه. ويورده موارد شقائه وغيه. كما وقع له في مصر وغيرها وأذكرك غزوة وادى المخازن على عهد السعديين فإن أعداء الله خرجوا في مائة ألف فارس وخمسة وعشرين ألفا وكان إذ ذاك مولاى عبد المالك لمرض كان به حين حمى الوطيس وكان أخوه مولاى أحمد مدبر أمره فهزم الله الكافرين وقتلوا وسبوا وغرقوا ولم يفلت إلا النزر اليسير ومات محمد المسلوخ الذى أتى بهم وطاغيتهم بستيان وغنم المسلمون وكراعهم وفل حد البرطقيز من يومئذ حتى الآن ونسأل الله أن يجعل هذه الغزوة نظيرتها على هذا العدو الكافر، فالصبر ثم الصبر فإن الشجاعة، صبر ساعة، وفى الحديث: الصبر عند الصدمة الأولى، وليس للكفار كبتهم الله إلا الحملة الأولى ثم يفشل ريحهم وتضعف عزائمهم، والصبر والثبات، يكسران الوثبات، ولم يكن الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم يقاتلون بكثرة عدد ولا عدد وإنما كانوا يقاتلون باليقين لإعلاء كلمة الله ورجاء لما عند الله حتى انتشر الدين في المشارق والمغارب فاصبروا وصابروا ورابطوا وأبشروا وبشروا، وأيقنوا أن الله متم نوره وناصر دينه إنجازا لوعده الصادق، وقضائه السابق، قال سبحانه: {... . . وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم