من الدنيا وما فيها. فهنيئا لكم يا معشر المجاهدين وبشرى بما لكم عند الله من الخير العظيم، والأجر الجسيم، فإن أنفاسكم وخطواتكم حسنات. وسائر أفعالكم عند الله درجات. قال الله سبحانه: {... ... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ...} [التوبة: 120] الآيات. فأيقنوا بنصر الله. وصمموا عزائمكم على إنجاز ومحمد الله. ولا يهولنكم ما يزخرف به العدو على ألسن شياطينه من كثرة الحشود والجموع. وما يظهره من قوة ويهدد من خنوع. فإنما ذلك ترهات باطلة وتمويهات كاذبة {... . . لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ... ....} [المجادلة: 10] مع أنه بلغنا على ألسن الثقات أنه يكترى العسكر من صبانية وغيرهم ليهول بكثرة العدد والعدد، وذلك كله كسراب لا طائل تحته، وكيف يرد المزية أو يقف للموت من هذه صفته، مع أن المسلمين المجاهدين ثبتهم الله أعدادهم موفورة، وعزائمهم على قتال العدو مظفورة، وقلوبهم بما عند الله مسرورة، وهم يقاتلون على دينهم وبلادهم {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)} [النساء: 76] فتأملوا قوله سبحانه: {... . كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249] وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173] إلى قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ...} إلى (مُّؤْمِنِينَ) [عمران: 173 - 175]. وقد وهن الله كيد الكافرين فقال سبحانه: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)} [الأنفال: 18] وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ... ...} [الأنفال: 65] الآية. فكان في صدر الإسلام لما بدا الواحد لا يفر من عشرة والعشرون لا تفر من مائتين والمائة لا تفسير من الألف، فلما أكثر المسلمون خفف