به في صدر الإسلام الصحابة، وتلاهم أهل الخير والإصابة، وجعلكم الله زهرة وعصابه، ألبسكم لبوس التقدم وأعطاكم نصابه، فنلتم شرفا ضخما وأجرا عميما، يا ليتنى كنت معكم فأفوز فوزا عظيما.

فإن الجهاد كما علمتم فضله، نغبط فيه أهله، لأنه كميا السعادة، ومفتاح الرحمة في الغيب والشهادة، وحسبك ما أعد الله للمجاهدين في الدنيا والآخرة، وما خصهم به من المراتب العلية والمنازل الفاخرة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ...} [التوبة: 111] الآية.

قال بعض المفسرين في إيقاع اشترائه تعالى على أنفس المؤمنين وأموالهم غاية التشريف لهم، لأنهم قالوا: إن نفاسة السلعة تعرف بثلاثة أشياء: بعظم المشتري لأن العظيم القدر في العادة لا يباشر إلا شراء الأشياء العظيمة، وبجلالة الواسطة يجل قدر المتوسط فيه ويعظم الثمن، فإن من أعطى الجنة في الثمن أعطى فوق الأمنية، فبان بهذا غاية شرف المجاهدين عند الله تعالى، ومن شرفهم الحياة الأبدية، والكرامة السرمدية، قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران: 169]، وفى الصحيح: أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في أشجار الجنة. وقال عليه السلام، وقد سئل عن أفضل الأعمال، فقال: الجهاد في سبيل الله. وقال: من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية. وقال: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وقال: ما أحد يخرج من الدنيا له عند الله خير فيتمنى الرجوع إليها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة ولوددت أنى أُقتل في سبيل الله ثم أحيى ثم أُقتل ثم أحيى ثم أقتل. وقال: والله لن تلج النار عين حرست في سبيل الله وعين بكت من خشية الله وعين غضت عن محارم الله. وقال: والله لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف مسلم أبدا. وقال عليه السلام: يأتى الشهيد يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والربح ريح المسك. وقال عليه السلام: رباط يوم خير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015