من جاء بعدهم كاتبونى وقالوا لى: إنك عندنا في ضيافة الإكرام، وقد وقع هذا التبديل فأقبل عذرنا في تأخير سفرك حتى يستقيم أمر الدولة ونسرحك لبر الإسلام، وقد استقامت أمورهم وصلحت أحوالهم، فتسريحنا قريب بحول الله وقوته، وجميع ما قصدناه أو ظنناه في الفرنصيص من الخير والإحسان والاحترام فعلوه معنا، وزادوا فوق ما ظنناه، فنحن اليوم ملوك على الحقيقة، فقد أنزلونا في منزل سلطانهم في قصر يحار فيه الطرف، ويقصر دونه الوصف، وفرش وطية، ومآكل شهية، وملابس بهية، مع التعظيم التام، من الكبير والصغير والخاص والعام، ورفقتنا ما بين تال وذاكر ومدرس ومتعلم صار الشهر عندهم كاليوم وتيقنوا بحسن اختيار الله لهم، وقد بلغنا أن لك وجها عند السلطان وفقه الله للخير وأعانه عليه وأصلحه وعلى يديه، وهذا دعاؤنا له اليوم والأمس وغدا ونعذره في حقنا، ونستغفر الله في حقه، فإنى ما أُبرئ نفسى وستبلى السرائر، وتجزى كل نفس بما تسعى.
فإن كان ما بلغنا حق فاسع في تسريح ابننا الصادق، فإن والده قد احترق صدره، وعيل صبره، وسرى لنا ذلك جميعا، وما كان يخطر ببالنا أن السلطان يبقيه لهذا الوقت، والأمر لله، وعليك السلام من الوالدة ومن محمد وأمه ومن السيد الحاج مصطفى بن التهامى، ومن السيد قدور بن محيى الدين، ومن قاره محمد، ومحمد بن البشير، وبعض من جاء معنا إلى فرنسا مفترقا معنا كمحمد ابن الخير وعن قريب يقع لهم التخيير بين المجئ عندنا وبين التسريح أينما أرادوا.
وقد خبرنا أنك شممت كافورة ومسكة فبالرفاء والبنين والكيس الكيس، ولا تكثرت بالحادثات، وسلم تسلم وتسترح وهو جنة الدنيا، وإنى أعلم أن أهم شئ عندك قراءة الأولاد فكن مستريح القلب منهم بعد جمعهم معنا إن شاء الله، ولا