يكن له بد من الجنوح إلى المسلم التي جنحت إليه فرنسا، لفساد الرعية وفزعها وعدم توفر الدواعى.

ثم التفت لمنهزمة الجيش الذى كان مع خليفته ولده أبى عبد الله المذكور بوجدة فقبض على جماعة منهم وأودعهم السجون مدة، وأهان كبراء، وحلق لحاهم وقطع خراجهم مدة ثم عفا عنهم.

ولما تمت المهادنة انعقد الصلح على تسوية الحدود بين وجدة ومغنية على ما هى عليه الآن، وعلى طرد الأمير عبد القادر من حدود المغرب.

ثم بعد ذلك نهض المترجم وسار إلى أن خيم برباط الفتح، وولى عليها عبد اللطيف فرج، وأقام به أربعة أشهر، ثم نهض وسار إلى أن عبر وادى أم الربيع على مشرع بولعوان، وهنالك التقى بنجله الخليفة أبى عبد الله المذكور، إذ كان مخيما على دكالة بثلاثاء سيدى أبى النور، وأمره بالتوجه لفاس وسار هو إلى أن بلغ مراكش، وما استقر به الثوى بها حتى بلغه أن الأمير ابن محيى الدين قام في قبائل أنجاد وتبعته أعرابها وبرابرها، وقاتل طائفة من أهل قلعية، وقتل منهم نحو الثلاثمائة، وسار إلى أن وصل إلى قرب تازا عازما على التوغل في البلاد المغربية، وأنه اتفق مع بنى عامر والحشم على الملاقاة معه بضفة وادى الحياينة ودخولهم جميعا بقصد التغلب، كذا قال بعضهم.

وعند هذا الحد أظلم الجو بين المترجم والأمير عبد القادر المذكور، وساءت الظنون واتسع للأوهام المجال، وشمرت على ساق شياطين الجن والإنس للمبالغة في الإفساد، فبعث المترجف ولده الخليفة المذكور وأمره بنقل بنى عامر والحشم لداخل الإيالة، فعرض عليهم الخليفة ما لديه من الأوامر فأجابوا بالسمع والطاعة، واعتذروا بأنهم ليس عندهم ما يحملون عليه رحالهم، فالتزم لهم بإعطائهم جميع ما يحتاجون إليه، وبعث معهم خيلا توصلهم إلى الأرض التي عينت لنزولهم، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015