وخسف، بجعل حيل ونصب حبالات وأساليب لاستخلاص الأموال، ومصادرة ذوى الأغراض، وأفضى به الحال إلى جعل ديار مخصوصات للفاسد، وتوظيف خراج على الفاسدات في كل شهر، ولم يكفه ذلك كله حتى جعل من جهاته لإفساد القبائل ومداخلته أعيان الفساد، وتمالئهم عن الخروج على عمالهم، فكل من لم يمل إليه ولم يواصله أو تشانا معه، بث في رعيته القيام عليه وواعدهم بالمعونة، ورتب لهم الطعام عند الزوقة، مع أنه أبخل من مادر، وإن نزل عليه ضيف واحد أضجره ونصب العداوة مع قواد البرابرة المجاورة لمكناسة، وألقى الشرّ بينهم وبين المخازنية، حتى لم يبق لهم وُدًّا في قلب القريب والبعيد، ولم تبق له همة إلا في هذا وشبهه.

وأما أهل الذمة فأبدأ فيهم وأعاد، حتى أخرجناهم من حكمه، ومع ذلك لم يتحاش عن فعله فيهم وفى غيرهم، ولما تفاحش أمره، وفشا في الرعية شره، قبضنا عليه ووجهناه لفاس بكبله، وحاق به سوء مكره، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

واستخرنا الله تعالى فيمن نوليه على الجيش ممن يسعى في جبره، وينصح لله ولرسوله وللمؤمنين في سره وجهره، فشرح الله صدرنا لتولية قائد مشورنا السعيد القائد الجيلانى بن بوعزة لما بلوناه من نصحه ومحبته، وعلمناه من دينه ومروءته، نسأل الله تسديده وتوليقه، وإلهامه الرشد وطريقه.

واعلم أن جل الحياينة وخصوصا أولاد أرياب منعوا الحقوق، وأظهروا العقوق، فطلب عاملهم خروج المحلة إليهم، فوقع منهم وعد وإخلاف، ومنع وإرجاف، فنهضت المحلة المنصورة إليهم وأحاطت بالمفسدين وأخذتهم أخذة رابية، ولاذوا بالفرار، وتركوا الأموال والأنعام، فامتلأت أيدى المحلة منها، وقبضوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015