وحدثت أنه يبول على المصحف الكريم وموضع خلوته وقبلة استجابة دعوته المستراح، وأنه تارك للصلاة، مشتغل بالسحريات، وصدقتها في دعواها زوجته بنت عمه وشاع ذلك وذاع، وملا الأفواه والأسماع، وحدث به العامة عن الخاصة وعمدوا إلى زريبته فحرقوها، وإلى مخازنه فنهبوها وفرقوها، ومن سر سريرة ألبسه الله رداءها، وأصبحوا اليوم وقد خرجوا من الظلمات إلى النور، يتأسفون على ما فاتهم من الاغترار به وتقلبات الأمور، وقد اختفى بحيث لا يدرى محله، وعامله الله بما هو أهله، فكان طلب الانتقال إلى المشرق بأولاده، وإعراء الأرض من فساده، وسنجيبه إلى ذلك إبعادا له عن هذه الأقطار وننشد:

إذا ذهب الحمار بأم عمرو ... فلا رجعت ولا رجع الحمار

وأيضا اعلم أن ابن العواد ظهر منه من الفساد ما لم يكن في حساب، واغتررنا ببكائه وما كان يظهر من الدين والطهارة وكثرة إيمانه بنصيحته في هذا الجيش وشفقته، وكانت تصدر منه هنات، وتبلغنا عنه أمور يتحاشى أهل الدين عنها، فنعاتبه على ارتكابها فيجيب بالتفصى من عهدتها، ويبرهن برسوم زور، وكلام فجور، فنحمله على علاته، ونغض الطرف عن هناته، ثقة بما يظهر، واغترارا بما يموه ويزور، وهو ساع في تبذير هذا الجيش البخارى بخرق العوائد، وإفساد القوانين، وأحدث فيهم أموراً شنيعة من بيع المراتب والخطط وتوليتها غير أهلها، ومنع المستحق منها، وإيثار الدخلاء ومن لا خلاق له بذلك، وإلزامهم المغارم زيادة على خيانة الرواتب الشهرية، والغفلة عن تفقد الأسلحة والعدة والخيل التي نخصصهم بها حتى كادت أن تضيع المخزنية رأسا.

وفقد الحزم والضبط المعهود في المخازنية، وعدم الإقدام والشجاعة فيهم مع أنهم كان يضرب بهم المثل، فإن الرعية على رأسها، وتصدى لإرث كل من حانت منيته من المخازنية وحيازة متروكه وبيع أصله ومنع ورثته.

وأما أهل مكناسة فقد سار فيهم سيرة جور وعسف، وأذاقهم عذاب ظلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015