بعدة الحرب وآلتها، وكل عين أمامها إصبع ما تحرك في ناحية إلا ويلقى من أهلها خسارا، ولا يطمع في جهة إلا وينال هلاكا وبوارا، بحول الله وقوته، وهذا الأمر افعلوه عند ظهور شئ، والسلام في 4 ربيع الثانى عام 1258".
ثم كتب له بما نصه:
"ولدنا البار الأرضى، سيدى محمد أصلحك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فاعلم أن المهدى الشرادى كنا حسَّنَّا به الظن، حيث أظهر التنسك وأبدى النصيحة والتودد مع أخذ الحذر منه، ووليناه على قبائل أهل سوس طلبا لجمع كلمتهم، حيث رأينا رغبتهم فيه وميلهم إليه، حتى طلب التوجه للمشرق فساعدناه وجعلنا خليفته البهلول كما في علمك، ولما سافر صرحنا له بالاستقرار، ونحن في خلال ذلك نلتمس انحرافهم عن المهدى وانقطاعهم عن محبته، ولما قدم أعرضنا عنه وأقررنا الوالى على عمله، فكان لا يبرم أمرًا دون ولده في غيبته ودونه في حضوره حتى ألقى الله العدواة والبغضاء بينهم وبين العامل، وسعى في فساد القبيلة عليه فلم يصلح الله له عملا ولا بلغه من ذلك أملا، بل رجع شؤم سعيه عليه، وعادت سهام فساده إليه، فأصبح وقد كشف الله عواره، وأبلى أسراره، وأطلقت ألسنة خاصتهم وعامتهم في ثلبه، وإبداء العجر والبجر من عيبه، ورموه عن قوس واحدة، وهتكوا حرمته وخرقوا عوائده، ولم يبق مصمما على اتباعه غير البعض من زواره، أمرناهم بالانتقال لفاس فكان مبلغ شيعته مائة ونيفا وخمسين فارسا وما يناهز الأربعمائة رام، بعد ادعائهم أن الكل له تابع وبعد انتقالهم جعلوا يتسللون فرادى وأزواجا، ويرغبون في الرجوع أفواجا، وتطرقت إليه ألسنتهم بكشف ما كان يسر من قلة الدين، والتلبيس بالانتساب للصالحين، حتى ذكرت شبانية كانت بداره قالوا على وجه الفساد فأخرجها عند توقع الشرّ به.