وذلك يوم الاثنين الثامن عشر من ربيع النبوى المذكور، فكتب للقبائل الحوزية يستنهضهم فأتوه مسرعين، ووردت عليه القبائل الغربية وقائدهم ابن يشو، وخيم ذلك الجند العرمرم بضواحى مكناس، وعقد لقائد المسخرين القائد بوسلهام المذكور على ذلك الجيش، ونهض به لفاس لقطع جرثومة فساد شرار الودايا ومن شايعهم، ولما وصل لوادى ويسلين وجد نساء الودايا وصبيانهم أمامه بالألواح متشفعين، فرق لحالهم فتقدم إليه بوسلهام المذكور وقال له: يا سيدى نصرك الله، إن الودايا لم يتركوا للصلح محلا وليس العفو عنهم في هذه الحالة مما ينبغي، ولما كان بسايس أجلب بخيله على عتاة بنى مطير واستولى على ما لديهم من مال ومتمول، ولما اتصل الخبر بالودايا اجتمعوا مع أهل العدوة من فاس وأجمعوا أمرهم على الإصرار على التمرد والعدوان.

وفى رابع عشرى ربيع الثانى من العام، وجه كتابًا لأهل فاس ليقرأ على المنابر، قال صاحب إعراب الترجمان. فقرئ وحضر جميع الناس ولا خصوصية للأكابر، فألفى منهلا يروى ويمير، بفصاحة يكل عنها منطق بنى نمير، ولقد نثر الدر فيه من فيه، وازدادت فيه الطائفة الصالحة ما كانت تنويه من التنويه، بألفاظ رائقة، ومعانى فائقة، وأحاديث نبوية، وآيات من محكم القرآن، وهو في غاية الضبط والإتقان، ولعمرى إنه لباب الأدب وفصه، وعنوان الفصاحة ونصه هـ.

وقد تركت جلب نص ذلك الظهير هنا اختصارا، ومضمنه الإخبار بحال تلك الفرقة الفاسدة، ذات التجارة الكاسدة، وما تسببت فيه للإسلام والمسلمين من الفتن والأهوال، وأنه لما لم ينفع فيها تحذير ولا إنذار، ولم تزد المقابلة بالحلم واللين إلَّا طغيانا ونفورا، وانهماكا في هتك الحرم، تعين أن يقابلوا بالحرب والتضييق بعزائم قوية.

وقد أصدر إليهم ذلك الرقيم من المحل المعروف بالسوير حيث كان مخيمه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015