إيمانا واحتسابا، وجاهدوا في الله حق جهاده فسيأخذهم الله على أيديكم وينفلكم أموالهم ويورثكم أرضهم وديارهم، وهذا أمر شرعى أوجبه الله عليكم وعلى غيركم من المسلمين، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.
فانهض إليهم مع الأعراب نهوض أمثالك، ونشطهم واقتف سيرة أخيك، فلو كان موجودا ما فعلوا هذا، ولكان رابطا عليهم بمكس، وهذه أول كلفة كلفناك بها، وفيها تظهر نجدتك وحزمك، والسلام في 21 ذى الحجة عام 1246".
وكان حلوله بمكناس عاشر محرم فاتح عام سبعة وأربعين ومائتين وألف، وفى يوم السبت الرابع عشر من الشهر المذكور نهض من مكناس لقمع مردة جروان الذين سعوا في الأرض الفساد، فأوقع بهم ومزق أحزابهم كل ممزق، ورجع للعاصمة من يومه، ولم يزل ثاويا بها وأهل الأهواء في طغيانهم يعمهون، والمترجم يكتب لعماله بالمراسى يأمرهم ببعث الأخبية والميرة وما يحتاج إليه، فبعث إليه القائد محمد عشعاش عامل تطاوين كل ما دعت الحاجة إليه من أخبية وكساوى وميرة إلى أن كان العيد النبوى، فأتت لتهنئة جنابه وفود القبائل تَتْرَى، ففرح الناس واستبشروا.
قال في إعراب الترجمان: ثم فرق -يعنى صاحب الترجمة- بعد العيد تلك الجموع، وانقلب كل واحد لبلده يود الرجوع، لأجل ما شاهد من بشائر التمكين، وعلامات النصر المكين، فعند ذلك قال الذين يريدون العتو في الأرض والفساد: لو كانت له قدرة ما استقر به الوساد، حيث فرق ما كان بيده، فكيف يعود من وصل إلى بلده.
ثم أعلن المترجم بقتال الفرقة الباغية، وشرذمة الودايا الطاغية، حتَّى تفئ إلى أمر الله.