اليوم الَّذي يسافر فيه وقسم محلته على قسمين الأثقال مع قسم، وهو مع قسم، وقد أخذ كل غير طريق الآخر.

وذلك يوم الاثنين ثالث عشرى حجة الحرام منصرم العام، ولما علم بذلك الودايا اقتفوا أثره وصمموا على قتله وتبديد الجنود البخارية التي معه، ولما وصل لعقبة المساجين من ناحية وادى سبو، لحقوا به وركضت خيولهم على كل ذروة وغارب، واقتحموا الحملة عليه وهو يذودهم ويدافعهم ذات اليمين وذات الشمال، وفر الناس ونهبت الأثقال وتلفت أنفس، ورجعوا العيال لدار الإمارة بفاس الجديد، والمترجم يكرّ ويفر إلى أن انفلت منهم ونجا بنفسه لمكناس على طريق زرهون، وأثناء ما ذكر كتب للقائد بوسلهام ابن يشو يستنجده ويستدعيه لمقابلة البغاة الخارجين، ومنازلتهم، بما نصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكبير بداخله (عبد الرحمن بن هشام الله وليه 1243):

"خالنا الأرضى الأنجد القائد بوسلهام بن يشو، أصلحك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: وصلنا كتابك وعرفنا ما فيه وعلمنا ما أنت عليه من الحزم والتيقظ والسعى في الصلاح، الله يرضى عنك ويصلحك، وأنتم أقرب الناس إلينا، وأحظاهم لدينا، وأولاهم بنصرتنا وحمايتنا، وأن الله تعالى استرعانا إياكم، وجعل بيعتنا في أعناقكم، وهو سبحانه سائلكم عنها إن لم تقوموا بحقها.

وهؤلاء الأودَايَة طغوا وتجبروا، وعتوا في الأرض واستكبروا، وقالوا بزعمهم: مَنْ أشد منا قوة؟ فنقضوا البيعة، وشقوا عصا المسلمين، وفتحوا عليهم بابا من الفتنة عظيما، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: الفتنة نائمة ومن أيقظها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وقال عليه السلام: من فارق الجماعة قيد شبر مات ميتة جاهلية، وقد أوجب الله عليكم قتالهم بالكتاب والسنة، فشمروا عن ساعد الجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015