ما كان مما لست أذكره، واتصل تفصيل ذلك بالمترجم فاشتد غضبه، وحقد على الرؤساء المستبدين كالطاهر بن مسعود، ومحمد بن فرحون وغيرهما.

وكان الحاج الطالب ابن جلول الفاسى قائما على ساق في الشيطنة والوسوسة، يدس الدسائس لإيقاد نيران الفتن بين المترجم والودايا، إذا كانوا ذوى قوة وبأس شديد، فاغتنم هذه الفرصة وجسم الأمر وطير الإعلام للودايا بنوايا المترجم نحوهم، وهول لهم غاية التهويل، فتمكنت منهم شيطنته وصمموا على الخروج عن الطاعة ونقض البيعة، وخرجوا من تلمسان قاصدين فاسا، وساروا إلى أن بلغوا قنطرة سبو، فوجه المترجم على أعيانهم وهو يومئذ بفاس، فوفدوا عليه لمشور الدكاكين من دار الإمارة بعد أن تحالفوا مع إخوانهم على أنهم لا يسلمونهم للسجن، وأنهم يقومون في وجه الأمير والمأمور لنصرتهم، ولو أدى الحال إلى إتلاف نفوسهم وأموالهم.

ولما مثلوا بين يدى صاحب الترجمة أظهروا غاية الغلظة والجراءة، فأمر بالقبض عليهم وإيداعهم السجن، فلما كانوا بباب المشور قام الصعاليك إخوانهم وانتزعوهم من أعوان المترجم قهرا، وكان الَّذي تولى كبر ذلك الطاهر ابن مسعود الأودى، وذلك في تاسع عشر شوال العام، ثم لما بلغ هذا النبأ لصاحب الترجمة خرج لقصبة الشراردة في خاصته يريد التوجه لمكناس، ولما علم بذلك الودايا ضجوا، وآذنوا بالقتال، وشقوا عصا الطاعة، وأحدقوا بالقصبة، ففر عن السلطان جميع الناس ونفرت منه قلوب العامة، ولم يتجاهر بمؤازرته غير ابن عمه القاضي مولاى عبد الهادى، ووزيره أبي عبد الله محمد بن إدريس العمراوى، ثم اغتنم المترجم فرصة أمكنه فيها الخروج بما خف وعز من الذخائر النفيسة فخرج ناجيا بنفسه يريد مكناسة، فاقتفى أثره الودايا فردوه مسلوبا للقصبة، وجعلوا يعدون عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015