وبعد: فقد نقم على ابن العواد مسائل كان يرتكبها ليس للجيش فيها سلف ولا في ارتكابها خير، منها ما قدمنا لك النهى عنه من التخليف كل شهر، ومنها أنَّه بلغنا أن المائة تسرد جملة ولا تسرد كل رباعة وحدها كما هو القانون المعروف والجيش البخاري به يقتدى المخزن في كل الجهات، ومنه يأخذون القوانين حتَّى إن اختلفوا في أمر يرجعون إليه، وهذا التسراد الَّذي تقف فيه المائة كلها لا يعرف زائدها من ناقصها ولا غائبها من حاضرها، والمعروف المعمول به قديما وحديثا هو تسراد كل رباعة وحدها، حتَّى إن خص لعددها شيء يبينه واحدا واحدا ويذكر وجهته ومحله، وإذابيان المقدم لا يسأل نسى وقائد المائة من باب أولى وأحرى، فقد ضاع الحزم والضبط الَّذي يقتبس من عبيد سيدى البخاري، فبوصول كتابنا هذا إليك رد القوانين لأصولها.
وتنبه لما لا تحمد عاقبته، واجعل تسراد كل رباعة وحدها كما هو القانون المألوف، لتعرف الزائد من الناقص، وتطلع على ما خفى عنك من التلبيس.
وقد كان الجيش فيما سلف يعادل القبائل كلها قوة ونجدة، ويفوقهم عَددا وعُددا، وانظر إلى القبائل الدائرة بكم اليوم كل قبيلة تعادل الجيش أو تقاربه، فينبغى أن لا يحسب في الجيش إلَّا أهل النجدة والحزم والشجاعة، الذين يقاوم واحد منهم العدد الكثير، والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عنّا، والله يعينك ونسأله سبحانه وتعالى أن يبلغ قصدنا فيكم، حتَّى ترجعوا لأصلكم الأصيل من العدد الكثير، والمدد الغزير بمنه، والسلام في 3 ذى الحجة الحرام عام 1258".
ونص ثالثها:
"وصيفنا الأنجد القائد الجيلانى بن بوعزة، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.