ولما بلغ ضواحيه سدوا الأبواب في وجهه، وركبوا الأنفاض وتحالفوا مع رئيس أهل سَلاَ، عبد الحق فنيش على المقاومة والمخالفة والعصيان، ولما رأى ذلك أعرض عنهم وخيم بالدار الحمراء قرب سَلاَ، فتسارع أهلها لفتح الأبواب وخرجوا إليه مع رئيسهم المذكور والصبيان حاملون ألواحهم على رءوسهم متشفعين، وفى العفو والأمان راغبين، قال أبو عبد الله الضعيف: والسيف في فم عبد الحق المذكور وأولاده الصغار أمامه ويده وراءه، فعفا عنهم، زاد ابن الحاج وأكرمهم وأعطى الصلة لصبيانهم.
ولما رأى ذلك أهل الرباط حلوا أبوب المدينة وخرجوا إليه مع الفقيه أبى العباس أحمد بن عبد الله الغربى، والشريف أبى إسحاق إبراهيم حفيد أبى محمد التهامى الشريف الوزانى، فألقى عليهم القبض وقيدهم بالحديد وأمرهم لإحضار مستفاد المرسى، فأجابوه بأنهم أنفقوه في بناء سور الثغر، ثم عفا عنهم، ونقل البعض من أعيانهم بأهليهم لمراكش كأبى العباس مرينو الأندلسى، والشيخ أبى عبد الله محمد التونسى الأندلسى، والتهامى مرينو، وولى عليهم القائد العربى المستيرى، إذ كان يعلمه بكل شاذة وفاذة، عن أخبار أهل الرباط قبل التعرف به، ويجعل في إمضاء كتبه خديمك كدية، ولما حل بالرباط وقدم عليه أهلها قال: أين فيكم كدية؟ فخرج إليه فعرفه وولاه.
وكان الخليفة الأمير لما سدت في وجهه أبواب الرباط، وجه إليهم صاحبيه الحاج سعيد التامرى الكديرى السرار، والفقيه أبى عبد الله محمد بن زاكور ليؤمنوهم وليأتوا إليه بهم في خفارتهما، فلم يسعهما غير الامتثال وإن تيقنا أن مرسلهم ممتلئ صدره غيظا على أهل الرباط بما صدر منهم وازداد حنقا حيث سدوا الأبواب في وجهه، وأنه إذا ظفر بهم لا يفلتهم. فقال الحاج سعيد: اللهم إن هذا الرجل لا يريد بأهل الرباط خيرًا، اللهم لا تلاقينى بهم ولا معه، وكان رجلا