بأسرارهم الخاصة، ودرسوا جميعا حقيقة الرجل المدعى حتى تمحض لديهم أنه أفاك خداع، ماكر يحاول التوصل للملك، ولما قرر أمره للخليفة أصدر أمره لهوارة وهشتوكة أصهاره بقتله وإراحة الأمة من شيطنته ومكره، فنهضوا إليه وقتلوه في خلق عظيم من أتباعه وأنصاره، ولم يكن لديهم بارود ولا سلاح يدافعون به عن أنفسهم اغترارا بقوله، وحزوا رأسه ووجهوا به للخليفة بمراكش، وأراح الله من فتنته البلاد والعباد.
وفى أوائل رمضان هجمت على المغرب أسراب جند الجراد المنتشر وأهلك الأشجار، ولم يترك منها سوى الأعواد مجردة من الورق والقشر، أما الزرع فقد وجده تم نضجه فلم يحصل فيه أدنى ضرر.
وفيه أخرج أهل فارس من كان بها من العبيد لاتهامهم بإفساد ذات البين بينهم وبين الودايا، ونقل الأخبار إليهم على غير وجهها، فلم يسع العبيد لضعف قوتهم غير مغادرة فاس القديمة، ونزل البعض منهم بالمدينة البيضاء، والبعض الآخر بقصبة شراكة.
وفيها كان الزلزال العظيم الذى هد جل بناءات مكناس وزرهون، ومات به بالردم خلائق، وتسمى هذه السنة سنة الثلجية لما تراكم فيها من الثلوج التي لم يتقدم لأحد عهد بمثلها، قال أبو عبد الله الضعيف: في ليلة السبت التاسع من ربيع الثانى نزل عندنا بالرباط بالليل ثلج عظيم ما رأيناه أبداً ولا ذكر لنا أحد من الناس المسنين أنه عقله، ووافق ذلك ليلة الثانى والعشرين من يناير عام أربعة وخمسين وسبعمائة وألف للمسيح.
وفى يوم الاثنين سادس ربيع الأول موافق عشرى دجنبر نزل ثلج كثير بفاس دام يوما وليلة، راد في الدر المنتخب: وملأ السطوح كثر من ذراع ورموه بالأزقة، وبقى بها مدة أيام وليال، ثم نزل مرة أخرى في أول يناير الموالى.