فارتاع الرحامنة وبادروا للخضوع والتوبة والإنابة، ثم استعطف الخليفة في الرجوع لمحل مأموريته وأوصاه بالرحامنة خيرًا لأن التوبة تجب ما قبلها، {إنما التوبة للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}، {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه}، ومن يومئذ رضخ الرحامنة للطاعة وقابلوا الأوامر السلطانية بالسمع والطاعة وقاموا بذلك أتم قيام.
ولما اتصل بالقبائل الحوزية ما أوجب مبارحة الخليفة لمراكش، أرسلوا إليه رسلهم قائلين: إننا قد ساءنا ما صدر بذلك البلد الطيب من أولئك الأوباش، وإننا تحت أوامركم فيما ترون في زجرهم وتأديبهم جزاء عما أجرموا، وردعا لأمثالهم، فمُرْ تُطَعْ فالمال والرقاب، ملك لسمو ذلك الجناب، فشكر حسن عواطفهم وإحساساتهم الجميلة، وعرفهم بتوبتهم النصوح، وحمد الله وأثنى عليه ما خوله من ميل قلوب الرعية إليه، واستيلائه عليها من غير سيف ودم مهراق.
وفى السنة أيضا انعقدت الشروط بين المترجم وبين جنس الاصطادوس، وفيها أغار نصارى الجديدة على آزمور، واقتحموا ضريح الشيخ أبى شعيب ليلا وقتلوا به نحو الخمسين من أهل آزمور.
وفى عام سبعة وستين ثار أبو عبد الله محمد وعلى بوثقالا الشريف الكثيرى، وكان ذا حيل ودهاء يتظاهر بالصلاح شأن من يريد الوثوب على الملك، ويقيم الأدلة على أنه صاحب الوقت، من ذلك أنه صنع طبولا من نحاس ببلاد تعرنت، ومن دهائه أنه لم يطلع عليه في صنعها أحد ممن يريد استهوائهم وجعلهم في قبضته كالصولجان، ودفن تلك الطبول بالمحل المعروف بماسة من غير أن يعلم بذلك غير خالقه، واختار للدفن موضعا لا يخطر ببال أحد وقوع الحفر به، وقد كان أهل ذلك القبيل يعتقدون أن طبول ذى القرنين مدفونة بتلك الناحية في