بمقومات البناء من جير وآجر وغير ذلك وعدد من العملة بنائين ونجارين وحدادين وغيرهم، يريد بناء قصبة تحول بين مرابطى أكدير والماء الذى يستقون منه، فتفطنوا لذلك، وطيروا الإعلام للخليفة المذكور، فأمر بإلقاء القبض على النصرانى ومن معه، فقبض النصرانى وبعض ممن أتى بهم وفر الباقون في مراكبهم.

وفى العام نفسه تفاحش أمر صالح المجاطى وتظاهر بأمور سحرية استهوى بها سخفة العقول من الأوباش وكثير ما هم، وطار صيته بذلك في القطر السوسى وغيره، وطمحت إليه الأنظار، وصارت الدولة منه في خطر، فحذره الخليفة بمراكش وأنذره، ووعظه وذكره، فلم يزده ذلك إلا عتوا وطغيانا، ولما اشتدت شوكته رأى الخليفة أن شوكته لا تنكسر قوة، وإنما يؤخذ باللين والسياسة إذْ رُبّ حيلة، أنفع من قبيلة، فصار يتظاهر له بالتودد وصفاء المحبة ويهاديه ويستشيره في الأمور ويسترشده ويتغافل عما يضمره ويتجاهل، ويحمل استفاض ما يصدر على أحسن المحامل، ويشيع ذلك في الحواضر والبوادى، حتى استفاض وذلك عند الثائر وحمله على الحقيقة ومن يرد الله أن يضله فما له من هاد.

ثم إن الخليفة نهض من مراكش لآكدير قاصدا الإيقاع بالثائر المذكور، ويورى بأنه يريد غزو قبيلة مجاورة للثائر المذكور حادت عن الصراط السوى، وذلك بعد أن استشار صالحا المذكور في تأديبها، فأذن له في ذلك وأعطاه تعاليم يتمشى عليها، ولما كان الخليفة على مقربة من آكدير اختار عشرة من الفرسان الصناديد ووجههم أمامه يتجسسون خبر صالح المذكور ويعرفونه بأمره، فاتفق أن وجدوا السوق عامرة خارج آكدير والرجل راكبًا بغلته يتطوف بالسوق ويرتب شئونه فحملوا عليه بخيولهم وألقوا القبض عليه وأوثقوه وساروا به إلى الخليفة، ولما رجعوا إليه بالرجل أسيرا أسرع لداره فدخلها واستولى على جميع ما وجده بها من مال وذخائر وعدة وسلاح وذلك شئ كثير، وأدخل صالحا السجن، ولما طال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015