وفى أواخر شعبان توفى ولد المترجم المولى أحمد بفاس، وحضر جنازته جميع كتاب أبيه ووزرائه وغيرهم من العامة.
وفى عام خمسة وستين اتصل بالمترجم خبر قتل أهل تطاوين لعاملهم الحاج محمد تميم، وبعد ذلك قدموا على أعتابه معتذرين ولعفوه مؤملين، فعفا عنهم ولم يعنفهم، بل قال لهم: أنتم وليتموه وأنتم قتلتموه فاختاروا لأنفسكم من يتولى عليكم، فوقع اختيارهم على أبى عبد الله محمد بن عمر الوقاش، وفى نظرى أن هذا من الفشل وضعف العزيمة المؤديان لا محالة إلى الفساد وقديما قيل:
ويقبح وصف الحلم في سمة الفتى ... إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم
وقيل:
ووضع الندى في موضع السيف بالعدا ... مضر كموضع السيف في موضع الندى
والله يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ... (179)} [البقرة: 179].
وفى أوائل ربيع الأولى من العام ورد على الحضرة السلطانية سفير دولة الإصبان بهدية مائة ألف ريال دورو، وتحف ثمينة، وعدد من الملف والحرير والكتان، طالبا فداء أسرائهم الذين بالدولة المغربية، فقبل الهدية وعلق له فكاك الأسارى على فكاك أسارى المسلمين الذين عندهم من غير مال، فكان الأمر كما أراد، ووصل ذكور العبيد وإناثهم بريالين لكل نسمة، وكانوا ألفا ومائتين.
وفى منتصف هذا الشهر بعث البربر إلى الودايا الإعلام بنقض ما كان منبرما من العهد بينهما، وفى غده اختطف البربر ماشية أهل فاس، وكان ما نهب لهم من خصوص البقر ينيف على المائة وتناوشوا القتال.