وفى يوم الأحد الحادى عشر من جمادى الثانية وصل الخليفة سيدى محمد المذكور بمن في معيته من العبيد والجند الذى أتى به من مراكش، وكان نحو أربعة آلاف جندى لحضرة والده بدار دبيبغ، ووجد والده في موكبه وأهل فاس والودايا في استقباله، ولما مثل بين يدى والده ترجل وأدى التحية اللائقة بعلى مقامه، وقدم إليه هدية ثمينة، وقدم العبيد، وطلب لهم عفوه وأمانه، فعفا وأمن، وكان ذلك اليوم من أيام الأفراح المشهودة، وأقام الخليفة مع والده ثلاثة أيام يذاكره في أمور ولايته، وأحوال رعيته.
ولما كان صباح يوم الأربعاء ودع والده وطلب رضاه وصالح دعائه، ونهض من دار دبيبغ وخيم برأس الماء بجنوده الجرارة، ومن الغد نهض وخيم بوادى النجا، وفى يوم الجمعة السادس عشر من الشهر دخل الحضرة المكناسية.
هكذا في الدر المنتخب، وفى الترجمان وغيره أن والده ودعه من حينه وأمره بالانصراف لمكناس خوفا من اغتيال البربر، فامتثل ولم يبت إلا بوادى النجا، ثم سار لمحل مأموريته، وكان وصله إليه في ثامن عشرى شوال، وتلقاه أهل الهدايا بالرايات والطبول، وأظهروا بقدومه غاية الارتياح، وقدموا لحضرته هدايا ذات بال.
وفى العام فشا الوباء وانتشر، ودفن بفاس في يوم واحد ما يزيد على أربعمائة نسمة، واشتد الأمر وحبس المطر، حتى كررت صلاة الاستسقاء ست عشرة مرة.
قال ابن إبراهيم: في يوم الجمعة الرابع عشر من صفر خرج الناس للاستسقاء بباب الفتوح فصلوها، وإمامهم خطيب القرويين أبو مدين الفاسى.
وفى يوم الأحد أعيدت الصلاة بالمحل والإمام الخطيب المذكور.