وفى أوائل جمادى الأولى عام 1163 ضحى يوم الاثنين قدم من الحضرة المراكشية الخليفة السلطانى أبو عبد الله محمد إلى مكناس، وخيم بأبى زكرياء الصبان، ومن الغد دخل البلد، وزار ضريح جده المولى إسماعيل، وقد وجد العبيد لازالوا على انحرافهم عن والده، متمادين على الخطبة به، فتبرأ من سوء فعلهم وقرعهم أشد التقريع، وأمر بإحضار العلماء والأعيان لديه وقال لهم: هؤلاء العبيد بايعونى وبغوا على والدى السلطان، وإنى أشهدكم أننى أبرأ إلى الله مما أجرموه، فهل ترون لهم مندوحة فيما ارتكبوه، فأجابوه جميعا بأن الخروج على السلطان لا يحل، وأن دم مرتكبه حل.

ولما سمع العبيد جواب العلماء ورأوا قوة الخليفة وخافوا شدة بطشه لم يسعهم إلا الرجوع لطاعة المترجم وأنفهم صاغر، وأعلنوا بنصره في الأسواق والأزقة، ولاذوا بالخليفة في الشفاعة لهم لدى والده الإمام والاعتذار له عما اقترفوه، والوساطة لهم في أن لا يحرمهم من نواله، فأجابهم لذلك، وتكفل لهم به.

ثم كتب لوالده بشرح الواقع وطلب الإذن له في القدوم بهم لحضرته، وأعلمه بأنه أمنهم بأمانه فيرجو ألا يخفر له فيهم ذمة فلم يرد له والده جوابا عن الكتاب، فأعاد الكتابة ثانية فأذن له في القدوم بهم لحضرته، وواعده بأنهم لا يرون إلا ما يسرهم ويرضيه هو فيهم.

وفى يوم الأربعاء الثانى والعشرين من جمادى الأولى هذه قدم الفقيه السيد على بن زيد من عند الفقيه السيد على وهو الباشا بتونس على السلطان المترجم بهدية سنية، يطلب منه عددا من الخيل سماه، ففرح به وأعطاه ستة من إناث الخيل قيمتها ثمانمائة مثقال، وأعطاه خنجرا مرصعا بالياقوت مختلف، الألوان لا تعلم قيمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015