مؤاخذتهم طبق ما عرف في غالب أحواله، وبأثر ذلك وفد محمد واعزيز مع إخوته، فكرم وفادتهم ووصلهم بعشرة آلاف مثقال، فسروا وابتهجوا ورجعوا لمحالهم شاكرين.
وفى آخر رمضان رجعوا لحضور الحفلات العيدية ومشاهدة الطلعة الإمامية، فوصلهم بمثل ما ذكر كما وصل الودايا، وأعطى لأهل فاس خيلا مسومة وجواهر نفيسة وأوانى من الزجاج، وكساهم بفاخر الثياب، قال في الدر المنتخب: تزيد قيمة ما ذكر على عشرة آلاف مثقال بتقويم ذوى العرفان، ولم يحرم من نواله المدرار غير العبيد الذين جبلوا على كفران النعم.
وفى هذه السنة جمع رأس عتاة العبيد، وشيطانهم المريد، المسمى زعبول إخوانه الذين بمكناس ونواحيه ونهض بهم لسفيان وبنى مالك، ولما رأى المذكورون ما لا قبل لهم به، فروا إلى العرائش، فاحتوى الزعيم وإخوته على ما خلفه سفيان وبنو مالك من ماشية وغيرها، وفى منقلبهم دخلوا القصر على حين غفلة من أهله، وارتكبوا كل شنيع على عادة الأوغاد السفل، وكان الوقت وقت اشتداد البرد وتهاطل الأمطار فعظم الخطب واشتد المصاب.
وفى السنة أيضا قتل المولى الحسن صنو المترجم أولاد أخيه المولى يوسف، وتسبب في خراب دار ابن أخيه مولاى الشريف بن زين العابدين إرضاء لأهل تافيلالت أعدائهم، فدخلوا الدار عنوة وقتلوا أهلها صبرا ظلما وعدوانا.
وفيها أيضا هجمت شرذمة من دخيسة وذوى منيع وعرب الصباح وآيت عطا، على تافلالت، فنهبوا الأموال وسبوا النساء والأطفال، وقتلوا عددًا عديدا من أهلها، وسلبوا تجار أهل فاس القاطنين هنالك من أموالهم، وذلك من نتائج ما فعله الحسن المذكور بأبناء أخيه، ولم يزل الحسن ثاثرا بتلك البلاد إلى أن صار الأمر للأمير أبى عبد الله محمد بن عبد الله ونقله لمكناسة وذلك آخر العهد به.