السبل عمومًا والعبيد خصوصا، حتى ضاق بهم المتع فلم ينفعهم إلا الجنوح للسلم ومصالحة البربر، وبعد اتخاذ الوسائط لذلك صرح لهم البربر بأن السلطان هو الآمر لهم بذلك، فلم يرتب العبيد في صدق مقال البربر لما سلف من المترجم مع واعزيز عند تخلفهم عنه حين أمرهم بغزو البربر، وصاروا يدبرون في كيفية يتوصلون بها لإلقاء القبض على صاحب الترجمة والفتك به، فأوعز إليه بذلك بعض عيونه، فنجا بنفسه لدار الدبيبغ وذلك في صفر سنة اثنتين وستين.

ثم اتصل الخبر بنجله خليفته بمراكش أبى عبد الله محمد مار الترجمة فكتب للعبيد يعلمهم بصيرورته على بال، مما أضمروا لوالده، ويعدد عليهم إحسانه إليهم ويوعدهم إن لم يرجعوا عما سولت لهم أنفسهم الأمارة، فأجابوه بتنفيذ ذلك الخبر، وأنه لم يكن خطر لهم قط ببال، ورجعوا إلى أنفسهم، وقالوا: إن هذا الخليفة -يعنون محمد بن عبد الله- ذو قوة وبأس شديد، وهو أمامنا، ووالده وراءنا، والبرابر محدقة بنا، فكيف الخلاص؟ فاتفق رأيهم على أن يعيدوا البيعة لصنو المترجم أبى عبد الله ابن عريبة المترجم سابقا فأبى وامتنع، ثم بعثوا لصنوه أبى الحسن على آتى الترجمة وكان يومئذ بسجلماسة مهد ملك سلفه فقابل طلبهم بالرفض، ولما كانت نتيجة سعيهم فيما راموه الخيبة عقدوا صلحا مع البرابر على المبايعة لنجل المترجم أبى عبد الله المذكور، وأقاموا لهم حججا على أنه لا يصلح للملك وتدبير أمور الرعية غيره فأجابوهم لذلك.

وفى أوائل ربيع الأول أعلن العبيد والبرابر بنصر أبى عبد الله المذكور بمكناس وزرهون وخطبوا به على المنابر، وأشاعوا ذلك في البوادى والحواضر، ثم جهزوا فئة من أعيانهم وأوفدوها إليه لمراكش لإعلامه بجمع الكلمة على المبايعة له وطلب تعجيل قدومه عليهم، ولما بلغوا إليه وأبلغوه ما جاءوا لأجله قبح فعلهم وعنفهم ثم وصلهم، وقال لهم: ارجعوا عن غيكم فإن بيعة والدى في عنقى وأعناقكم لا يحل خلعها بحال، وألزمهم الرجوع للطاعة والتزم لهم بأن لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015