القبائل التي كانت تظهر له الطاعة، إذ قد كان استنهضهم لذلك، ولما طال انتظاره وتبين تقاعسهم عن اللحوق به، رجع للعاصمة المكناسية بمن كان معه مصابا بألم إحدى عينيه.

ولما سمع البربر برجوعه لمكناس طمعوا فيه، وأجمعوا على غزوه، وزاد طنبورهم نغمة وطينهم بلة، ما وقع من الصلح بين الودايا وأهل فاس وذلك يوم الاثنين الثالث عشر من شوال، وخضوع الكل لصاحب الترجمة، فلم يألوا جهدا في تفريق الكلمة واستشاروا في التدابير الموصلة لهم لذلك زعيمهم واعزيز لما يعلمون في قلبه من المرض، فأشار عليهم بأنه لا يتم لهم معه أمر ماداموا لم يقطعوا خط الرجعة بسايس، ويحال بينه -أى المترجم- وبين الموالين له من الودايا والعبيد وأهل فاس، فاستصوبوا رأيه ونزلوا بحللهم في تلك البسائط، وأطلقوا يد السلب والنهب، وأغاروا على سرح الودايا أفسدوا وزروعهم وبحائرهم، وجعلوا يختطفون أطفال العبيد النازلين بضواحى مكناس ويغيرون على سرحهم كلما أمكنتهم فرصة.

وفى أول رجب من السنة ورد الخبر بإلقاء أهل الريف القبض على المستضئ مار الترجمة، واستيلائهم على كل ما كان له من مال ومتمول لإلقائه القبض على القائد عبد الكريم بن على الريفى صنو أحمد المذكور، وسمله عينه.

وفى شعبان أوقد الودايا النار بأجواف باب محروق ليلا، فشعر بذلك الحرس وطردوهم عن الباب، ومن الغد ركبوا له أبوابا جددا.

وفى ثالث عشرى شوال أوفد أهل فاس على المترجم بمكناس القائد الحسن ابن صالح الليرنى، والفائد قاسم بن الأشهب، والقائد الحاج محمد الصفار، وقاضى البلد وغيرهم من الأشراف والعلماء، وكان ذهابهم على طريق زرهون خوفا من عيث عتاة البرابر، ولما وصلوا لحضرته ومثلوا بين يديه شرحوا أعذارهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015