وفى انقلاب عرب الغرب من انكسارهم هذا لبلادهم مروا بحلة بنى حسن فانتهبوها، فقدم بنو حسن على السلطان شاكين إليه بما فعله بهم عرب الغرب فحركوا منه ما كان كامنا بصدره عليهم، وجيش إليهم جيشا كثيفا من العبيد والودايا للإيقاع بهم أخذا لثأر بنى حسن منهم، ولما شعروا بنهوض الجيوش التي لا قبل لهم بها للاقتصاص منهم انجلوا عن البلاد وتوجهوا للعرائش وتحصنوا بأسوارها، فاقتفت أثرهم تلك الجيوش وأحدقت بهم وشددت الحصار عليهم ثلاثة أشهر، هلك فيها لهم الزرع والضرع ثم رق لهم المترجم ووجه لهم شرذمة من الودايا بأمانه ومصحفه وسبحته، وأفرج الجيش عنهم، وقدموا مع الودايا على المترجم بهداياهم تائبين، ولفضله شاكرين، فولى عليهم كبيرهم الحبيب المالكى، وأضاف إليه قبائل الجبل كلها.

وفى شوال عام واحد وستين ومائة وألف، استأنف أهل فاس الرضوخ لطاعة المترجم وتجديد البيعة له، وذلك بواسطة بعض بنى عمه من أهل سجلماسة، والعلامة أبى الإجلال عبد الكبير السرغينى، فأنهضوا وفدا من الأشراف والعلماء وذوى الجاه والوجاهة في طليعتهم الفقيه المذكور ومعهم هدية قيمة للعاصمة المكناسية إظهاراً للخضوع، وطلبا في العفو والصفح، ولما مثلوا بين يدى المترجم سب وجدع ثم سامح وأحلم وردهم لبلدهم رداً جميلاً، ثم انعقد الصلح بين أهل فاس والودايا، وفتحت أبواب المدينة بعد الحصار سنتين وثلاثة أشهر، وكان ذلك في ذى القعدة من السنة.

وفى هذه الأعوام انتشر الوباء الجارف في هذه السنين سائر البلاد المغربية وتفاحش الغلاء.

وفى ثامن عشر جمادى الأولى، وقيل الثانية من العام، نهض المترجم من فاس لمكناسة، لكسر شوكة متمردة البربر وخيم بقصبة أبى فكران ينتظر ورود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015