عليه، فتكفل لهم بأنهم لا يرون منه إلا ما يسرهم، وأنهم ليسوا كغيرهم بناء على ما يعتقده من كامل الصداقة، وأنه يستحيل لديه أن تخفر له ذمة عند الأمير المترجم، فأجابوه لما اقترح، وعينوا مائة من صدورهم للتوجه مع رئيسهم المذكور، وساروا بهديتهم إلى أن وصلوا لمخيم السلطان بقصبة أبى فكران، واستقبلوا حاجبه عبد الوهاب اليمورى.
فأخبر السلطان بمقدمهم فأمر بإدخالهم لبساطه مجردين من السلاح، ولما مثلوا بين يديه أحدق بهم لفيفا من الحرس ثم قال لمحمد وعزيز هؤلاء حادوا عن الطريق المثلى، وعاثوا في الطرقات وروعوا المسلمين بالسلب والنهب، وأخذوا أموال التجار غصبا ولم يتركوا ضعيفا ولا يتيما ولا مسكينا إلا وآذوه في ماله وبدنه، فإذن مالهم ودمهم حلال.
وأمر الحرس بإلقاء القبض على جميعهم غير وعزيز فانقض الحرس عليهم وأوثقوهم بالحبال وساروا بهم إلى بطون السجون، فقال له وعزيز: أغدراً بعد عهدٍ! فقد جاءوا في أمان.
فأجابه المترجم بقوله: هؤلاء حاربوا الله ورسوله، وسعوا في الأرض الفساد، وقد خير الله فيهم الإمام، فقم أنت في حفظ الله لأنك بمنزلة والدى لا تخاف دركا ولا تخشى، فقال له: لا أقوم إلا مع إخوانى، فإن ماتوا مت، وإن عاشوا عشت، وكيف يسمع عنى أنى قدمتهم للذبح ورجعت! فأى أرض تقلنى وأى سماء تظلنى؟ لابد أن يقتلنى إخوانهم وأخلف بعدى سبة لا تنفى مدى الأبد، وقد تنبئوا بهذا لما أمرتهم بالقدوم معى لحضرتك، فقالوا: إن ذهبنا إليه سلك بنا مسلك من قبلنا من الوافدين عليه، فنفيت لهم ذلك، وأعطيتهم العهود والمواثيق على أنهم لا يقابلون من جلالتك إلا بالجميل ووافر الإحسان.