أما المستضئ فإنه لما علم بموت عضده الأيمن وساعده المساعد أحمد الريفى، أغرى من معه من العبيد وبنى حسن على الأخذ بثأر إخوانهم واستئناف قتال صنوه المترجم، وقطع خط الرجعة بينه وبين فاس، فأجابوه لذلك.

وأطلق عيونه لترقب حركات المترجم وسكناته وإعلامه بظعنه ومقامه، فكانت تأتيه بتفاصيل ذلك، ولما بلغه أن صاحب الترجمة خيم بدار العباس التي كانت بها تلك المعركة التي قضت على جموعه بالدمار والخذلان، ركب في أتباعه من العبيد وبنى حسن، وصبح المترجم على حين غفلة، ولما التقى الجمعان ولى المستضئ وجنوده الأدبار. وانكسروا أى انكسار، مات من خصوص بنى حسن ما يزيد على الألف، وسلب لهم من عتاق الخيل والسلاح ما يزيد على الخمسة آلاف، ومات من العبيد نحو الخمسين.

وبعد الهزيمة فر القائد حسن فنيش هاربا، وهو أخو الباشا عبد الحق فنيش عامل سلا، فلقى في ذهابه أحد قواد عبيد الرمل كان مصاحبا له وقد مات له فرسه في المعركة، فطلب من القائد الحسن أن يردفه فأردفه لسابفية الصحبة، ثم غدر العبد به وأكبه على رأسه وشد وثاقه وأقسم له يمينا بالله إن لم يسر أمامه حتى يقتله، فسار به إلى أن أوصله لصاحب الترجمة ولما مثل بين يدى المترجم، قال له: أنت يا فنيش من علوج أبى إسماعيل ووالدك كذلك، فلم تركت خدمتى وأخذتك الغيرة على الحمار ابن الحمار؟ فقال له فنيش: أعتقنى وأنا أعطيك عشرين قنطارًا فقلع المترجم عشبة من الأرض، وقال له: هذه العشبة عندى أفضل من مالك، وأنشد متمثلا بقول القائل:

إن الأسود أسود الغيل همتها يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

وضربه بمزراقه فقتله، وذلك بوادى الدزاز من وزان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015