نادى في عساكره لا نزول إلا بغنيمة أو هزيمة، فأجابوه بالسمع والطاعة، وانقضوا على المحال الريفية انقضاض البزاة فولوا الأدبار منهزمين، وتركوا جثتهم وأشلاءهم مبعثرة بالهضاب والسهول من بينهم جثة الزعيم الريفى فقطع رأسه وأتى به للمترجم، وذلك صبيحة يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الثانية من العام، ووجه برأسه لفاس فطيف به بالأسواق، ثم علق بباب محروق، ولم يزل معلقا هنالك إلى أن قدم على المترجم أولاد أبى زيد عبد الرحمن الثعالبى من الجزائر متشفعين للمترجم في إنزاله، فشفعهم وأصدر أوامره المطاعة بإنزاله، ووجه القاضى إذ ذاك عدلين لمشاهدة إنزاله وتسليمه للمتشفعين فيه، فذهبا -أى العدلان- وهما العلامة خطيب المدرسة العنانية من طالعة فاس أبو عبد الله الحارثى الدلائى والعلامة المفتى الشيخ أويس، وكتبت بذلك وثيقة من إنشاء أبى عبد الله محمد بن علال وإليك نصها:
الحمد لله الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، العفو الذى يحب العفو حتى لا يهتك الستر ولا يؤاخذ بالجريمات، الذى من كمال عفوه ورحمته ومنته أن وعد بالجنة التي أعدت للمتقين، للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أحلم رسول أرسله، المأمور بإعطاء من حرمه، وإيصال من قطعه والعفو عمن ظلمه، بقوله في الكتاب المبين {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199] وعلى أصحابه وأنصاره وأحزابه وآله البالغين الغاية في اتباعه، واقتفاء اتباع أتباعه ..
وبعد: فعن الأمر المطاع، الذى يجب له الانقياد والاتباع، والإذن الشريف العلوى، السلطانى المولوى، أمر مولانا أمير المؤمنين، المحفوف من الله تعالى بالنصر والتمكين، فخر الملوك والأشراف، وظل الله على الأقوياء والضعاف، خليفة الله في أرضه، وأمين الله على جنده بطوله وعرضه، المعتمد في أموره على