وفى العام عم الطاعون بالمغرب وخصوصا بفاس ومكناس ونواحيهما وانحبست الأمطار، وارتفعت الأسعار، وفشا الجوع في القرى والأمصار، وتفرق أهل فاس في البلاد كالقصر ووزان والعرائش وتطاوين وطنجة. قال أبو عبد الله الضعيف: حكى لى من أثق به من أهل القصر أن صبيان أهل فاس كانوا يتكففون بأبواب الدور والأزقة.

وفى جمادى الأخيرة وقعت فتنة بين الحاج عبد الخالق عديل، وأبى عبد الله محمد الغالى الشريف الإدريسي، فرفع عديل الشكاية بالشريف لصاحب الترجمة فأصدر الأمر بإلقاء القبض عليه، ففر واستجار بضريح جده أبى العلاء إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر، فضيق عليه إلى أن خرج وضرب ووبخ وسجن وقتل أنصاره لسعيهم في الأرض الفساد.

وفى يوم الخميس سابع عشرى رجب سرح المترجم أبا عبد الله محمد الغالى الشريف الإدريسى، ولما علم بذلك أهل فاس تحزبوا وخرجوا لباب محروق بقصد قتل الشريف المذكور إن رام النزول لفاس القرويين، فأوعز بعض الناس بذلك للإدريسى المذكور فسكن فاسا الجديد.

وفى العام وجه المترجم مع ركب الحاج ثلاثة وعشرين مصحفا كلها محلاة بالذهب مرصعة بنفيس الدر والياقوت، منها المصحف الكبير العقبانى المنسوب لعقبة بن نافع الفهرى الذى كان الملوك يتوارثونه من عهد بنى أمية بالأندلس، ونقل إلى المغرب على يد عبد المؤمن الموحدى، ثم انتقل إلى بنى مرين، ثم وقع بيد الأشراف السعديين، ولم يزل يتداول إلى أن وقع بيد المترجم ووجه معه بألفى حصاة من الياقوت المختلف الألوان العزيز الوجود وسبعمائة حصاة هدية للحجرة النبوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015