وفى ذى القعدة بلغ المترجم ما صمم عليه العبيد مما أوعز لهم به الريفى، فاشتغل بتأليف القبائل المتمسكة بطاعته وحالفهم على المدافعة عنه ومحاربة أضداده والموت دونه، وإثر ذلك ورد على فاس من مراكش الحاج أحمد السوسى داعية المستضئ ينشر دعوته ويرجف الناس ويعظم شوكته، فأصدر صاحب الترجمة أمره بقتله قصاصًا، فقتل واستصفيت أمواله، واستؤصل ما كان بداره.

وفى أول المحرم عام خمسة وخمسين دخل المستضئ مكناسة في عساكره العبيد، وبأثر ذلك ورد كتاب الريفى المذكور على أهل فاس يدعوهم لبيعة المستضئ، فأجابوه بالرفض وصمموا على نصرة المترجم ومقاومة كل من ناوأه والموت دونه، وتعاهدوا لإصلاح المعاقل والصقائل، وجعلوا لباب محروق أحد أبواب المدينة أبوابا من ساج مغشاة بالحديد.

وفى يوم الثلاثاء رابع عشرى ربيع الأول خيم المستضئ بجند العبيد بظهر الزاوية، وفر المترجم للقبائل للانتصار بهم، ونزل على آيت يدراسن، ولما كان الغد الذى هو يوم الأربعاء وقع قتال شديد بين المستضئ وأهل فاس ومن انضم إليهم من الحياينة وشراقة وأولاد جامع، مات في المعركة من الودايا نحو اثنى عشر رجلا، ومن أهل فاس نحو الستة، ومن العبيد نحو الستين.

وفى يوم الجمعة رابع ربيع الثانى رجع السلطان عبد الله صاحب الترجمة في جيوش جرارة ذات قوة وبأس شديد من البرابر بنى مطير وجروان وآيت يوسى وأيت أدراسن وزمور وآيت ومالو وغيرهم، وجلب بهم على أحزاب صنوه المستضئ، ولما التقى الجمعان علم المستضئ أنه لا قبل له بمقاومة تلك الجنود البربرية المجندة، فنجا هو وأتباعه بأنفسهم بعد عشاء يوم السبت خامس ربيع الثانى، وعصم الله بمحض فضله دماء المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015