البيعة العامة حيث إن البربر والودايا وأهل فاس والعرب كانوا لازالوا متمسكين ببيعته ببواطنهم، وإن اضطرهم العبيد على التظاهر بالطاعة لزين العابدين.

ولما اتصل هذا النبأ بالمترجم قدم لمكناس، ووفد عليه أربعمائة من العبيد يطلبون عفوه وأمانه فأمنهم وقابل جنايتهم بالصفح، واستقر بمكناس أياما، ثم بدا له النهوض لفاس، ولما نزل بداره المعروفة خارج المدينة بدار الدبيبغ خرج لاستقباله الأشراف والوجهاء وذوو المناصب العالية فرحين مستبشرين، وتسابقت الفرسان على الصافنات الجياد أمامه إظهارًا لما خامرهم من السرور، وسدت الأسواق.

ثم صارت الوفود تفد على جلالته لتقديم الطاعة وإظهار الخضوع، فأوسعهم برا وحلما، ونقل من دار أبيه لداره المذكورة كل ما له قيمة من ذخائر وأثاث، فكبر ذلك على العبيد، ولم يرضوه وطلبوا منه الرجوع عن ذلك، وأن لا يتمادى على إكمال بناء تلك الدار لتيقنهم أنه إن تم بناؤها وسكن بها اعصوصب عليهم، وخرج من ربقة استبدادهم، فلم يلتفت إليهم، فهددو، بالخروج عليه، فلم يرفع لهم رأسا.

ولما علم بذلك الباشا أحمد الريفى اتخذه فرصة، وكتب لعبيد مكناس قائلا: إن الأمر صار لغيركم ولم يبق لكم أمان على أنفسكم، وإن المترجم لم يبق تحت يده مال، والملك لا يقوم إلا بالمال، فقوموا على ساق في خلعه وتبديد جموعه وأحزابه، ولكم من المال ما تحتاجون إليه، وها صنوه المستضئ بمراكش وقد بايعه أهلها فاتبعوهم، وأعلنوا بنصره، فأجمعوا أمرهم على ذلك وفعلوا، فوجهوا للمستضئ يستقدمونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015